يدل على ذلك: ما روي عن ابن عمر: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها)) أي: من الأرض من ثمر أو زرع، وفي رواية: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطى خيبر اليهود على أن يعملوها، ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها)) بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- يبين أن الله يمد بالقوة من يعاون أخاه الإنسان في أي إقليم، وفي أي موطن، فيقول -صلى الله عليه وسلم-: ((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) ففي هذا الحديث لم يعين النبي -صلى الله عليه وسلم- الأخ، بل عممه، جاءت الكلمة عامة، فيعم الأخوة الإنسانية، ولا يقتصر على الأخوة الدينية، أو الإقليمية.
وهكذا نرى أن كل ما يدعو إلى التقدم والرفاهية في مجالات الحياة المختلفة، في إطار من الحق والعدل تحث الشريعة عليه؛ لأنه من فيض التعاون على البر والتقوى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
4 - بقية الأسس التي قامت عليها العلاقات الدولية في الإسلام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.
فقد بدأنا الحديث في المحاضرة السابقة عن السياسة الخارجية للدولة الإسلامية، وبدأنا الحديث عن أسس العلاقات الدولية في الإسلام، وبدأنا في تعداد هذه الأسس، وذكرنا منها: الوحدة الإنسانية، والصلة الإنسانية، والمساواة بين الناس جميعًا، والتعاون الإنساني.
ومن المبادئ أيضًا التي بنيت عليها العلاقات الدولية في الإسلام: الحرية وفي ذلك نقول:
إن هذه الحرية تعني: تحرر الفرد من القيود، وقدرته على التصرف باختيار؛ فالحر إذًا هو الذي يملك نفسه، ولا يخضع لرق، ولا أسر، والحرية تعني: الخلوص من الأسر والرق، وهي تلتقي في الوجود مع الإنسان الحر، الذي تتجلى فيه القيمة الإنسانية الرفيعة، ومن هنا فإن الحرية تستمد اشتقاها من الحر، ويتحلى هو بها، والحر في الحقيقة هو الذي يبتدئ بالسيادة على نفسه، وإذا تحقق له ذلك يكون حرًّا.
وإذا أردنا أن نعرَّف الحرية في الاصطلاح الفقهي نقول: لم تعرف الشريعة الإسلامية معنىً اصطلاحيًّا للفظ الحرية يخرج عن المعاني اللغوية -التي أشرنا إلى بعض منها- ولم يعرَّف الفقهاء المسلمون الأوائل -أيضًا- ذلك، غير أن البعض