من المحدثين عرَّفها بأنها: خلوص الإنسان من ضيق الحجر، وتمتعه بكل حق إنساني قضى به الشرع، وهي حق طبيعي للناس، إذا حُرِموه فقد سُلبت إرادتهم، وافتقدوا إنسانيتهم، لهذا قررها الإسلام، ورفع من شأنها، ومنع من العبث بها، وقد جاء الإسلام؛ ليرفع كرامة الإنسان من حيث هو إنسان، فأعلى القيم البشرية، وفضّل الإنسان على كثير من المخلوقات.
وفي ذلك يقول الله -تبارك وتعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء: 70).
وهدم الإسلام نظام الطبقات من أساسه؛ فالناس في نظره سواسية، لا يتفاضلون إلا بالتقوى، والعمل الصالح، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: من الآية: 13) ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} (النساء: من الآية: 1) وفي ذلك تقرير لوحدة الأصل، مما يقتضي عدم التمايز بالجنس، أو الطبقة؛ إن فلسفة الحرية في الإسلام تكمن في العبودية الكاملة لله تعالى، وهذه العبودية تعني أن يكون للإنسان كامل الحرية بين بني جنسه، وذلك أنه ما دام الكل عباد لله تعالى فهم أحرار فيما بينهم، فإذا وعى الإنسان هذا المعنى للحرية، أحس في الواقع بها، وعاش بين ربوعها كريم النفس، لا يَستذل لقوة، ولا مال، ولا جاه.
وتلقين هذه العبودية للبشر من أهم وظائف الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم- فمهمتهم -جميعًا- هي إزالة عبودية البشر للبشر؛ لتحل محلها عبودية الله للبشر جميعًا، وبالتالي الوقوف في وجه من جاوزا حدود البشرية، وادعوا