وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} (آل عمران: 118) وبطانة الرجل: خاصته الذين يستبطنون أمره، فقد نهانا الله تعالى أن نتخذ بطانة من غير المسلمين؛ لأنه قد ظهرت البغضاء في كلامهم وما تخفي صدورهم من الحقد والحسد أكبر.
لكن نحبّ أن نذهب مع الماوردي إلى جواز تولية أهل الذمة لوزارة التنفيذ؛ لأن سلطان المسلمين في دولة الإسلام عاليًا بحمد الله تعالى، والممنوع هو أن يكون لغير المسلم سبيل على المسلم، هذا مع ملاحظة ضآلة منصب وزير التنفيذ؛ لأن تدبير الأمور وتصريفها يرجع إلى الإمام كما ذكرنا، وإنما هو محض منفذ أو مأذون له بذلك فقط، فهو أشبه بالسفير أو بالواسطة بين الإمام والرعية، لكن مع ذلك نقول بأنه لا ينبغي أن يستطيل غير المسلم على المسلمين في دولتهم بأي شكل من الأشكال؛ لأن ذلك يمتنع عليه وهو ما انتهى إليه الماوردي نفسه حيث قال: إلا أن يستطيلوا فيكونوا ممنوعين من الاستطالة.
أنواع وزارة التنفيذ:
إن القراءة المتأنية لما كتب في هذا المجال تنتهي إلى أن الفقهاء المسلمين قد ميزوا بين نوعين من وزارة التنفيذ:
أحدهما: وزارة تنبسق عن رئيس الدولة نفسه، فيكون وزير التنفيذ في هذا الصدد وزير الخليفة أو الإمام فيمضي الأحكام وينفذ الأوامر في جميع أقطار الدولة الإسلامية ما لم يحدد له الخليفة اختصاصًا مكانيًّا معينًا.
وثانيهما: وزارة تنفيذ تنبسق عن والي الإقليم فتكون صلاحيات الوزير في هذا الصدد متعلقة بهذا الإقليم فقط دون غيره من أقاليم الدولة، فهو يتبع والي الإقليم ومن ثم لا يكون أفضل حال منه،