الآن، إذ يبلغ الوزير باختياره بمقتضى كتاب أو خطاب ممن اختاره بحيث يترتب على ذلك حقوق والتزامات بين الوزير المختار وبين الجهة التي اختارته، سواء كان رئيس مجلس الوزراء أو رئيس الدولة نفسها.

وقد ذكر الماوردي أنه يشترط في خطاب التكليف بالوزارة شرطان: أحدهما: عموم النظر؛ لأن هذا هو شأن التفويض، إذ تكون للوزير نفس السلطات التي يملكها الخليفة عادة. والثاني: النيابة، كأن يقول الخليفة للوزير: قلدتك ما إليّ نيابة عني ونحو ذلك؛ لأن وزير التفويض وإن كانت سلطاته مطلقة إلا أنه لا يفتات بها على حق الإمام، ولا يستبدّ بها دونه كما ذكرنا.

وخطاب التكليف بالوزارة الذي هو بمثابة عقد بين الوزير وبين من استوزره هو في حقيقة الأمر عقد بين الوزير وبين الأمة؛ لأن الإمام الذي يستوزره إنما ينوب في ذلك عن الأمة فهو عقد وكالة، والوزير نائب عن الأمة وإن اختاره الإمام، ولذلك فهو باق في ولايته لا يتأثر بموت الخليفة الذي قلده ولو كان نائبًا عنه لانعزل بموته؛ لأن النائب مرتبط بالأصيل، فكل المقلدين بعقود تفويض يقفون مع الإمام إذًا على قدم المساواة في أنهم جميعًا مؤدون حقوق الأمة، وجميعهم ولاة لا تختلف ولاياتهم عن ولايته في النوع وإن كان بينهما اختلاف في الدرجة، غاية الأمر أن الإمام متصل بالأمة مباشرة أما هم فيتصلون عن طريقه، فهو الصلة بينهم وبين الأمة وهذه مسألة اضطرت إليها الحاجة إلى التنظيم ووجوب تركيز السلطة في جهة معينة وتوحيد المسئولية لتكون ممثلة في شخص الإمام، فتستطيع الأمة أن تواجهه وأن تحاسبه وتحكم في أمره بما تشاء مع أن وجوده على كل حال لا يعفي الولاة الآخرين من المسئولية أمام الله وأمام الأمة فضلًا عن مسئوليتهم أمامه بوصفه ممثل النظام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015