ولعل ما ذكره الماوردي يوضح لنا العلاقة بين وزير التفويض مع إطلاق سلطته وبين الإمام باعتباره الرئيس الأعلى والحاكم الأول وسلطته هي المقدمة، وذلك أنه إذا تعارضت تصرفات وزير التفويض مع تصرفات الإمام في تدبير شئون المسلمين والفصل في منازعاتهم فإنه يجب التفريق في هذا الصدد بين حالتين:
الحالة الأولى: إن كان ما أصدره وزير التفويض حكمًا يتعلق بأمر مالي أو قضائي كأن يأمر بوضع مبلغ من المال في جهة من الجهات أو يأمر برد مظلمة إلى أهلها -ففي هذه الحالة تكون أحكامه نافذة ولا يملك الإمام أن يعقّب عليها ولو كانت معارضة لرأيه؛ لأنها ما دامت أحكامًا اجتهادية صدرت عن أهل لذلك ولم تخالف نصًّا من كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله فلا يسوغ نقضها لمخالفتها لاجتهاد الإمام؛ لأنه لا يخطّأ اجتهاد باجتهاد كما هو معلوم من قواعد الأصول.
الحالة الثانية: إن كان ما صدر عن وزير التفويض قرارات تتعلق بتعيين الولاة أو عزلهم أو تسيير الجيوش لمحاربة الأعداء أو عقد المعاهدات السياسية أو العسكرية مع الدول الأجنبية -ففي هذه الحالة يجوز للإمام أن يعقّب على رأي الوزير إذا كان مخالفًا لرأيه؛ لأن الإمام صاحب الحق الأول وله أن يستدرك ذلك من أفعال نفسه فيستدركها من أفعال وزيره من باب أولى.
التكليف بالوزارة:
وزارة التفويض في النظام الإسلامي كما ذكرنا وزارة خطيرة ذات سلطات واسعة جدًّا واختصاصات مطلقة إلى حد ما كما أشرنا، وبناءً عليه فقد ذكر الفقهاء أنها تحتاج إلى تقليد أو تكليف بها من ولي الأمر بمقتضى عقد يكون بين وزير التفويض وبين الإمام، وهو يشبه إلى حد ما ما يعرف بالتشكيل الوزاري