من ضمن الأمور التي تكون أيضًا للخليفة ولا تكون لوزير التفويض: الاستعفاء من الخلافة، فيجوز للإمام أن يستعفي الأمة من الإمامة -أي: يقدم استقالة- ولا يجوز ذلك لوزير التفويض. أيضا للإمام أن يعزل من قلده وزير التفويض ولكن ليس للوزير أن يعزل من قلده الإمام؛ لأن الإمام هو الحاكم الأصلي وسلطته هي السلطة الأولى في الدولة، وفي هذا يقول أبو يعلى الفراء: وعلى الوزير وزارة التفويض مطالعة الإمام بما أمضاه من ولاية وتقليد؛ لئلا يصير بالاستبداد كالإمام، وعلى الإمام أن يتصفح أفعال الوزير وتدبيره الأمور ليقرّ منها ما وافق الصواب ويستدرك ما خالفه؛ لأن تدبير الأمة موكول إليه وإلى اجتهاده.
ويجوز لهذا الوزير أن يحكم بنفسه وأن يقلد الحكم كما يجوز ذلك للإمام؛ لأن شروط الحكم فيه معتبرة ويجوز أن يتولى الجهاد بنفسه وأن يقلد من يتولاه؛ لأن شروط الجهاد فيه معتبرة، ويجوز أن ينظر في المظالم ويستنيب فيها؛ لأن شروط المظالم فيه معتبرة، ويجوز أن يباشر تنظيم الأمور التي دبّرها وأن يستنيب في تنفيذها؛ لأن شروط الرأي والتدبير فيه معتبرة.
ويقول الماوردي بعد أن استثنى هذه الأمور الثلاثة المشار إليها من سلطة وزير التفويض، يقول: وأما ما سوى هذه الثلاثة فحكم التفويض إليه يقتضي جواز فعله وصحة نفوذه منه، فإن عارضه الإمام في ردّ ما أمضاه، فإن كان في حكم نفّذ على وجهه وفي مال وضع في حقه لم يجز نقد ما نفّذ باجتهاده من حكم، ولا استرجاع ما فرق برأيه من مال، وإن كان في تقليد وال أو تجهيز جيش وتدبير حرب جاز للإمام معارضته بعزل المولّى والعدول بالجيش إلى حيث يرى وتدبير الحروب بما هو أولى؛ لأن للإمام أن يستدرك ذلك من أفعال نفسه فكان أولى أن يستدركه من أفعال وزيره.