يقول البعض: وأما كتابة الإنشاء, أو ما عرف فيما بعد بديوان الإنشاء, فلم يكن هناك حاجة لإنشائه في ذلك الوقت المبكر, فما كان الخليفة عمر يقبل إلا أن يكون على صلة مباشرة بولاته, وعماله, يقرأ بنفسه ما يرد منهم من رسائل, ويكتب لهم بنفسه ما يريده, وكل ما وُجد متصلًا بالإنشاء في ذلك العهد هو هؤلاء الكتاب الذين كانوا على غرار كتاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهم الذين يكتبون ما يمليهم عليه الخليفة, ومن أشهر كتَّاب عمر: زيد بن ثابت, وعبد الله بن الأرقم.
ويقول البعض أيضًا: لم يكن ثمة ديوان رسمي لحفظ الوثائق الرسمية قبل أن ينشئه عمر, فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكتب إلى عماله, وإلى رؤساء الدول الأجنبية في بعض المناسبات, وكانت هذه الكتب, والردود عليها, تحفظ عنده بالمدينة, وقد صنع أبو بكر صنيعه, أما في عهد عمر فقد كثرت الكتب بدرجة مألوفة, فأنشأ الديوان الخاص بها في المدينة, وهو ما أُطلق عليه ديوان الإنشاء, أو ديوان الرسائل.
ويمكننا أن نستخلص مما سبق أن ما يسمى بديوان الإنشاء قد أخذ شكلًا متميزًا في عهد عمر عما كان عليه في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر, وأن عمر قد وضعه قبل الدواوين الأخرى, أما الدواوين الأخرى كديوان العطاء, وديوان الجند, وديوان الجباية, فهي الدواوين التي أنشأها عمر على غرار مثيلاتها عند الفرس, والروم.
2 - نتحدث الآن عن ديوان العطاء, أو ما يسمى ديوان الأموال:
وهو ديوان توزيع الأموال على الرعية, والعاملين في مختلف أجهزة الدولة, واتجه هذا الديوان إلى مسائل الأموال, وإحصائها, وإحصاء المستحقين, وطريقة