توزيع الأموال عليهم, وكان هذا السجل, أي الديوان موجودًا في المدينة, وكان أكثر من سجل, بحيث كان لكل قبيلة سجلها الخاص, كما كان عمر حريصًا أشد الحرص على أن يصل العطاء والمال إلى كل ذي حق حقه, وقيل: إن عمر كان يحمل سجل كل قبيلة من القبائل, ويذهب إليها بنفسه في موطنها, ويعطي أفرادها عطاءهم في أيديهم.
وكان لهذا الديوان الذي أنشأه عمر بالمدينة فروع في العراق, والشام, ومصر, وبهذا تيسر لكل مسلم أن يقبض عطاءه من البلد الذي هو فيه, وأصبح كل والٍ مسئولًا عن إيصال العطاء إلى أصحابه في ولايته, كما كان عمر يوصل العطاء لأصحابه في المدينة, وحولها.
وبجوار فروع هذا الديوان العربي كانت تقوم الدواوين المحلية التي تُركت في العراق, والشام, ومصر, كما كانت من قبل الإسلام, وقد استبقى عمر هذه الدواوين بموظفيها, ولغاتها, فكان ديوان الشام يُكتب باليونانية, وديوان فارس, والعراق, بالفارسية, وديوان مصر بالقبطية, وقد ترك عمر هذه الوظائف في يد غير المسلمين؛ لأن الفاتحين كانوا عربًا أميين, لا يحسنون الكتابة, والحساب, فكانوا يستعملون في الحساب أهل الكتاب, أو أفرادًا من الموالي العجم ممن يجيده, وكان قليلًا فيهم.
وقد أمر عمر بن الخطاب كتَّابه أن يكتبوا الناس على ترتيب الأنساب, ابتداء من قرابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما بعدها, الأقرب فالأقرب, وكانت تلك سياسة عمر, يفاضل منها في العطاء بين أقارب الرسول, وسواهم, الأقرب فالأقرب, فإذا تساوى اثنان في درجة القرابة فضَّل ذا السابقة في الإسلام,