وكأي مخطط خبير نظر الرسول حوله؛ ليدرس الواقع وليقدر الموقف، فوجد أن مجتمع المدينة يضم جماعات متناثرة، عرب، ويهود مسلمين وغير مسلمين، أوس وخزرج أحزاب متفرقة لا روابط بينها، كان على الرسول أن يضع في اعتباره بناء المجتمع الجديد الذي يحفظ للجميع عقائدهم الدينية، وقيمهم الخلقية والقومية، وانطلاقا من فهمه عليه الصلاة والسلام لدور العلاقات الإنسانية، وأثرها في أفراد المجتمع، فقد عمل على تحقيق أهداف ثلاثة:

الأول: تأمين المسلمين وغير المسلمين على حياتهم وأرزاقهم حتى يزداد المؤمنون إيمانا، ويقبل على الإسلام المتردد الخائف الضعيف، وأيضا إطلاق مبدأ حرية العقيدة، والرأي لجميع طوائف المجتمع، فلا فتنة في دين، ولا ظلم بسبب عقيدة أو رأي، وأيضا القضاء على المنازعات الطائفية بين القبائل، ولتحقيق هذه الأهداف شملت خطة الرسول عليه الصلاة والسلام جوانب ثلاثة:

الجانب الأول: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ رغبة منه -صلى الله عليه وسلم- في القضاء على التنافس القبلي، وعلى حب الذات والأنانية، وتحقيقا لروح التعاون، والجماعة والحب في الله نفذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- سياسة حكيمة، وهي أن يجعل من المهاجرين والأنصار أخوة في الله لكل منهم على الآخر كل ما للأخ على أخيه من الحقوق، قال عليه الصلاة والسلام: ((تآخيا في الله أخوين أخوين)) وأخذ عليه الصلاة والسلام يؤاخي بين أنصاري ومهاجري، فاختار عمه حمزة بن عبد المطلب أخا لزيد بن حارثة، واختار أبا بكر أخا لخارجة بن زهير إلى آخره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015