وقام عبد الله بن أريقط خبير الصحراء البصير، ودليل الهجرة الأمين بمهام الإرشاد للمهاجرين في الطريق من مكة إلى المدينة.
أما مهام الخداع والتمويه، فقد شارك فيها عامر بن فهيرة حيث كان يسير بغنمه في الطريق الذي سلكه الرسول وصحبه؛ ليزيل آثار أقدامهما، وظل بعد كل رحلة لعبد الله أو أسماء يؤدي المهمة، ويزيل آثار الأقدام، كما شارك في هذه المهام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالنوم في فراش الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلة الهجرة؛ ليوهم قريشًا أن الرسول في فراشه لم يغادر بيته، ويعد كل من شارك في الهجرة قد قام بدوره في مهام الخداع والتمويه، وذلك بعوامل السرية المطلقة التي فرضوها على خطة الهجرة فلن تستبن قريش ملامحها.
ولو تأملنا هذه التكليفات، سنجد أن الأمور قد سارت على نحو دقيق، فتم وضع كل شخص من أشخاص الهجرة في مكانه المناسب، وسدت كل الثغرات، وغطيت كل مطالب الرحلة، واقتصر الأمر على العدد اللازم دون زيادة أو إسراف، وتمت كل المهام في سرية فلم تسمح لقريش بمعرفة مكان الرسول وصحبه، كما أنها تمت في تناسق مذهل حتى أن الثلاثة الذين كانوا يرتدون الغار كانوا يذهبون إليه في أوقات مختلفة، فلم يحدث أن التقوا مرة، ألم نقل إن أحداث الهجرة تصلح قاموسًا لمبادئ التخطيط العلمي السليم.
وبعد ما انتهينا عن التخطيط للهجرة ننتقل للحديث عن التخطيط الحياتي في المدينة بعد الهجرة، فنقول: منذ أن وصل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، بدأ يخطط لإقامة مجتمعٍ إسلامي شعاره التوحيد، ومنهجه القرآن، وهدفه رفع راية الإسلام،