وقد اشتملت خطة الهجرة ضمان لنجاحها على ركنين وضعهما الرسول بحكمة القائد المحنك:
الركن الأول: أن يتم الرحيل تسللًا في الخفاء، حتى لا تنتبه قريش للخطة، فتحبطها، وهو ما يطلق عليه عامل المفاجأة.
الركن الثاني: أن تكون الهجرة في شكل أفواج قليلة، وليست على نطاق واسع، حتى لا تلفت نظر المشركين، وضمانًا لتحقيق جانبي الخطة، وضمانًا لتحقيق جانبي الخطة، وضمانا لتحقيق جانبي الخطة خرج المسلمون في شكل أسر صوب البحر، حتى استقلوا سفينتين تجاريتين، أبحرت بهم إلى الحبشة، وقد نجحت الخطة بتأييد الله نجاحا باهرا، ولقي أصحاب الرسول في الحبشة معاملة طيبة، وحماية وأمنا وأصبح للإسلام أنصار في هذا البلد الطيب، وانضم النجاشي بكل نفوذه إلى الإسلام ناصرا، وهذا النجاح المذهل الذي تحقق جعل بعض الباحثين، والكتاب يتساءل لماذا لم يستغل الرسول هذا النجاح، وينتقل بأهله وأصحابه إلى الحبشة؛ لتكون هي الأرض التي يقام عليها المجتمع الإسلامي؟ ولماذا أصر -عليه الصلاة والسلام- على جعل هجرة المسلمين إليها هجرة مؤقتة؟
وللإجابة على هذا التساؤل نقول: إن تحليل الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمعلومات المتاحة لديه، ودراسته المتأنية للموقف أكدت لديه صعوبة أن تكون الحبشة هي الهدف لدولة الإسلام، وذلك لعدة عوامل:
أول هذه العوامل: أن الحبشة منطقة معزولة لا تصلح متنفسًا للدعوة الجديدة، إذ أن الإسلام كدعوة عالمية يحتاج إلى منطقة مفتوحة على العالم، والحبشة على مر تاريخها لم تكن منطقة انطلاق.