ثاني العوامل: أن الحبشة لم تكن لتسمح لهذا الدين الجديد أن ينمو إلى جوار المسيحية، ولم يكن الرومان وهم المهيمنون على المسيحية في العالم آنذاك، يسمحون للحبشة بذلك حتى لو أسلم ملكها.

وثالث العوامل: أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب، ولسانه، ومن ثم فإن فهمه وتعلمه وحفظه في هذه البيئة الحبشية يعد أمرًا صعبًا، وعقبة في طريق الدعوى لكل هذه الأسباب، وهذه العوامل صرف الرسول -عليه الصلاة والسلام- النظر عن الحبشة كأرض للهجرة الدائمة، وفكر في بديل آخر، ويمكن القول: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد حقق بهذه الهجرة أقصى استفادة ممكنة، واتخذ قراره بالهجرة المؤقتة في ضوء أحسن معرفة ممكنة عن مستقبلية هذا القرار، وهذا ما يقوم عليه التخطيط العلمي السليم.

ثم نتحدث عن البديل الثالث، وهو الهجرة إلى المدينة، فنقول:

من المبادئ الإدارية المعروفة أنه كلما زادت المعرفة، كلما زادت الفرصة للتصرف السليم، وكلما ساعد ذلك على نجاح القرار.

فالفرد العارف لأبعاد، ونتائج المهمة المكلف بها يكون أكثر قدرة على التصرف السليم، والقرار السليم يتوقف على مدى المعلومات التي تتوفر أمام متخذ القرار، وعلى قدرة صاحبه على تحليل هذه المعلومات للخروج منها باستنتاجات سليمة.

وقد كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعرف عن مجتمع المدينة الشيء الكثير، وكان يضع في اعتباره كثيرًا من العوامل الإيجابية التي تساعد على تحقيق هدف الدعوة الإسلامية، ونذكر من هذه العوامل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015