هذا الرجل القوي الذي يسير أمامهم في اتجاه وجهة معينة أن يكون مسلمًا- فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((إن كان يخرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج على نفسه يعطيها فهو في سبيل الله)) وهكذا يبين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن العمل الذي يكف به الإنسان نفسه عن سؤال الناس مساوٍ للجهاد في سبيل الله، وإذا كان العمل وسيلة الكسب -كما أوضحنا- فإنه أيضًا أساس التقدم، فإن فرض العمل كوسيلة للكسب، ومصدرًا لدخل الفرد من شأنه تحقيق تقدمه اقتصاديًّا، واجتماعيًّا.
وكان الإسلام حريصًا على تحقيق هذا التقدم أيضًا على صعيد المجتمع، بتشجيع أفراده على ممارسة النشاطات الاقتصادية، سواء كانت زراعية، أو صناعية، أو تجارية، وهو ما توضحه وتؤكده الأحاديث النبوية التالية:
ففي مجال الزراعة:
يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان، إلا كان له صدقة)) كما يقول- صلى الله عليه وسلم-: ((من نَصب شجرة، فصبر على حفظها، والقيام عليها حتى تثمر، كان له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند الله -عز وجل-)) فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يحفزنا على الاهتمام بالتنمية الزراعية، ليس فقط لمجرد تحقيق كسب دنيوي، ولكن طمعًا في الثواب الأخروي.
وفي الصناعة:
يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((خير الكسب كسب الصانع إذا نصح)) فالصناعة أفضل مصدر للكسب في الإسلام، إذ يكمن فيها التقدم الحقيقي للشعوب والدول، وهو ما نلمسه فعلًا في عالمنا المعاصر.