وفي التجارة:
سما الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشأن المشتغلين بها إلى مصف الأنبياء، والصديقين، والشهداء، والصالحين، إذا التزموا جانب الصدق في ممارستها، فيقول -صلى الله عليه وسلم-: ((التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين)) ويؤكد -صلوات الله وسلامه عليه- أهمية التجارة كمصدر رئيسي للربح، إذ يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((تسعة أعشار الرزق في التجارة)) فالتجارة تعني: تسويق الإنتاج، وتصريفه، أيًّا كان نوعه؛ ابتغاء الكسب المشروع الذي أحله الله دون الربا؛ لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة: من الآية: 275).
ويرجع تحريم الربا -على حد قول الإمام الرازي- إلى أنه يمنع الناس من الاشتغال بالمكاسب؛ وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد نقدًا، كان أو ناسيًا، خف عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعة الشاقة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات، والحرف، والصناعات، والعمارات.
فالإسلام يحرم الربا؛ لآثاره السيئة، إذ يُقعد صاحب المال عن العمل، والسعي للكسب والاستثمار، فضلًا عما فيه من استغلال لإنسان آخر، مما يؤدي إلى التخلف الاقتصادي والاجتماعي.
رأينا أن الإسلام جعل من العمل فريضة عامة؛ إعمالًا لمبدأ في المساواة بين بني آدم، كما أنه دعا انطلاقًا من ذاتيته إلى اتباع الصراط المستقيم، ومقتضاه انتهاج