أيديهم على رياسته؛ لأن بيعته لازمة لهم وطاعته عليهم واجبة فصار معهم كما لو كان مع أهل العدل حال وقوعه تحت الحجر ممن استبد به من أعوان وحينئذ يجب استنابة آخر مكانه ليقوم بتصريف أمور الدولة بصفته نائبًا عن الرئيس لا بصفته رئيسًا؛ حتى لا تتعرض مصالح الأمة للتعطيل، والرئيس المأسور أحقّ باختيار من ينوب عنه ما دام قادرًا على الاستنابة، فإن لم يقدر عليها فعلى الأمة ممثلة في أهل الحلّ والعقد أن تختار هي النائب الذي سيقوم بتصريف الأمة حتى يفعل الله ما يشاء من خلاص الرئيس من الأسر أو وفاته، فإذا تحقق الميئوس منه فخلص الرئيس من الأسر انعزل نائبه وأصبحت أمور الدولة راجعة إلى يد الرئيس، وأما إذا عزل الرئيس المأمور نفسه أو مات في الأسر فإن نائبه لا يصير رئيسًا للدولة إلا بمبايعة أهل الحلّ والعقد؛ لأنها نيابة عن موجود فزالت بفقده، وإن كان البغاة قد نصبوا عليهم رئيسًا للدولة يخضعون له فالرئيس المأسور في أيديهم خارج عن رياسة الدولة؛ لأنهم قد انحازوا بدار انعزل حكمها عن الجماعة وخرجوا بها عن الطاعة فلم يبق لأهل العدل بهم نصرة، ويجب على الأمة ممثلة في أهل الحلّ والعقد أن تختار لنفسها رئيسًا غيره، فإن استطاع الرئيس المأسور أن يتخلص من أسره لم يعد إلى الرياسة؛ لأنه قد خرج عنها.
الصورة الثالثة من صور بطلان تصرف رئيس الدولة: أن يخرج عليه من يستولى على منصب الرياسة بالقوة وهو ما يعرف في عصرنا بالانقلاب في الحكم، وهو أحد الطرق التي تنعقد بها الرياسة كما بيّنا ذلك، وقد بينا أن العلماء قالوا بانعزال الرئيس وانعقاد الرياسة للمتغلب حتى لا يقع الناس في فوضى الحرب الأهلية ويعمّ الفساد،