أما فيما يختص بالناحية الأولى وهي: هل صلاحيته للرئاسة مازالت موجودة أم لا -فالعلماء يقولون: إن هذا لا يقدح في رياسته فلا ينعزل بهذا القهر عن منصبه، وأما فيما يختصّ بالناحية الثانية وهي: هل يجوز إقرار هذا المستبد على أفعاله أم لا -فينظر في تصرفات من استولى على أموره، فإما أن تكون جارية على أحكام الدين ومقتضى العدل أو لا، فإن كانت جارية على أحكام الدين ومقتضى العدل جاز إقراره عليها؛ لأن في عدم إقرارها إيقافًا لبعض المصالح، وهذا يعود بالفساد على الأمة فأصبح الحال حينئذ كما لو استولى على نفس منصب الرياسة بالقهر، وأما إن كانت أفعاله خارجة عن حكم الدين ومقتضى العدل فإنه لا يجوز إقراره عليها ويجب على الرئيس أن يستنصر بالشعب حتى يزول تغلّب هذا المتغلب وتسلطه.
الصورة الثانية من صور بطلان تصرف رئيس الدولة: أن يقع رئيس الدولة في الأسر، وذلك الأسر إما أن يكون من المشركين أو من بغاة المسلمين، فإن أسره المشركون فإما أن يكون مرجوّ الخلاص أو ميئوسًا منه، فإن كان مرجوّ الخلاص بقتال أو بفداء فهو على رياسته ويجب على كافة الأمة استنقاذه من أيديهم، أما إن كان ميئوسًا من خلاصه بأن غلب على الظن عدم خلاصه إلى موته فقد خرج بهذا الأمر عن الرياسة وعلى أهل الحلّ والعقد أن يختاروا غيره من الصالحين لرياسة الأمة فيبايعوه رئيسًا عليها، وأما إن أسره بغاة المسلمين فينظر أيضًا في ذلك فإما أن يكون مرجوًّا خلاصه من أيديهم أو من ميئوسًا منهم، فإن كان مرجوّ الخلاص فهو باق على رياسته ويجب أيضًا على كافة الأمة استنقاذه من هذا الأسر، وإن كان ميئوسًا من خلاصه فينظر في حال البغاة، فإن لم يكونوا قد اختاروا رئيسًا للدولة غيره فالرئيس المأسور في