الأمر الرابع الذي يؤدي إلى انعزال رئيس الدولة: فقد الأعضاء التي يخلّ فقدها بالعمل أو النهوض كانقطاع اليدين جميعًا أو الرجلين جميعًا، فإذا حدث للرئيس شيء من ذلك انعزل به لعجزه عن كمال القيام بحقوق الأمة، وأما إذا حدث له ما يؤثر في بعض العمل أو في بعض النهوض دون بعض كبتر إحدى اليدين أو إحدى الرجلين فقد اختلف العلماء في ذلك على رأيين:
أولهما وهو الأصح: أنه لا ينعزل به وإن كان ذلك يمنع انعقاده له ابتداء؛ لأن المعتبر في عقدها كمال السلامة فيعتبر في الخروج منها كمال النقص.
والرأي الثاني: أنه ينعزل بذلك؛ لأن الرئيس أصبح به ناقص الحركة، وأما إذا فقد الرئيس ما لا يؤثر فقده في عمل ولا نهوض كقطع الذكر والأنثيين وجدع الأنف وثمل إحدى العينين فلا يخلّ ذلك برياسته.
الأمر الخامس الذي ينعزل به رئيس الدولة: بطلان تصرف رئيس الدولة، ويندرج تحت هذا عدة صور:
الصورة الأولى: أن يحجر عليه ويقهره من يستبد من أعوانه بالتصرف في أمور الأمة من غير تظاهر بمعصية ولا خروج عن طاعة، فإذا حدث هذا فإن العلماء ينظرون في مقام بيان الحكم فيه إلى ناحيتين: الناحية الأولى: هل صلاحيته للرياسة لا زالت موجودة أم أنه بوقوعه تحت قهر هذا المستبد قد فقد صلاحيته لهذا المنصب. والناحية الثانية: هل يجوز إقرار هذا المستبد على أفعاله وتصرفاته التي سلبها من رئيس الدولة أم أنه لا يجوز إقراره عليها،