يعزل نفسه حرصًا على مصلحة المسلمين، فسواء أكان هذا العجز ظاهرًا للناس أم استشعره هو من نفسه فهو موجب لتركه هذا المنصب.

وأما الحال الثانية وهي: أن يعزل نفسه لا لعجز ولا ضعف بل آثر الترك طلبًا لتخفيف العبء عنه في الدنيا حتى لا يشغل بالمهام العظام الموكولة إلى رئيس المسلمين، أو طلبًا لتخفيف العبء عنه في الآخرة حتى لا يتسع حسابه -فإن للفقهاء في ذلك رأيين: أولهما: أنه ينعزل بذلك؛ لأنه كما لم تلزمه الإجابة إلى المبايعة لا يلزمه الاستمرار في منصبه. ثانيهما: لا ينعزل؛ لأن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- طلب من المسلمين أن يقيلوه من منصب الخلافة، ولو كان عزل نفسه مؤثرًا لما طلب منهم الإقالة.

وأما الحالة الثلاثة وهي: أن يعزل الإمام نفسه من غير عذر من عجزه عن القيام بأمور المسلمين، أو إيثاره ترك هذا المنصب طلبًا للتخفيف في الدنيا والآخرة -فقد اختلف الفقهاء فيه إلى ثلاثة آراء:

الرأي الأول: لا ينعزل حينئذ، وحجة هذا الرأي أن الحق في ذلك للمسلمين لا له.

الرأي الثاني: أنه ينعزل؛ لأن إلزامه الاستمرار قد يلحق الضرر به في آخرته ودنياه.

الرأي الثالث: يُنظر، فإن لم يول الإمام غيره أو ولى من هو دونه لم ينعزل قطعًا، وإن ولى من هو أفضل منه أو من هو مثله فعلى رأيين: رأي يقول بالانعزال، ورأي يقول بعدم الانعزال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015