والجدير بالذكر في هذا الصدد أن واجبات الإمام وحقوقه التي ذكرها العلماء المسلمون تقرب مما يذكره القانونيون تحت مسمى "وظائف الدولة" فقد كان الخليفة أو الإمام في عصر الماوردي وغيره ممن كتبوا في الأحكام السلطانية كان الإمام هو الدولة أو يكاد أن يكون كذلك، أما الآن فإن وظائف الدولة هي من المرونة بحيث تتأثر بالزمان والمكان وأنواع النظم وفلسفة الحكم وظروف الناس.
وبهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن واجبات الإمام أو وظائف الإمام وعن حقوق الإمام.
عزل الإمام أو ورئيس الدولة عن منصبه:
فنقول: بقاء الإمام أو رئيس الدولة في منصبه منوط باستمرار صلاحيته لقيادة دولة مسلمة، وهذه الصلاحية متوافرة فيه ما دامت الشروط المطلوبة فيمن يصلح أن يشغل هذا المنصب موجودة فيه، وفقدان هذه الصلاحية موجب لترك منصب القيادة حتى يشغلها من هو صالح لها، وسنتناول في هذا مسألتين هما: عزل الإمام نفسه، وانعزاله لا عن طريق نفسه.
المسألة الأولى: عزل رئيس الدولة عن طريق نفسه:
نقول: بيّن الفقهاء المسلمون أن عزل الإمام نفسه إما أن يكون لعجز أو ضعف كمرض وهرم، وإما أن يكون لا لعجز ولا ضعف بل لإيثاره ترك هذا المنصب طلبًا لتخفيف العبء عنه في الدنيا والآخرة، وإما أن يكون لا لهذا ولا لذاك، ولكل من هذه الأحوال حكم خاصّ بها.
فأما الحال الأولى وهي: أن يعزل الإمام نفسه لعجزه عن القيام بما هو موكول إليه من أمور الناس لهرم أو مرض أو نحوهما -فإنه ينعزل إذا عزل نفسه لذلك؛ لأن العجز إذا تحقق وجب زوال ولايته لفوات المقصود منها، بل يجب عليه إذا أحس بذلك أن