وكذلك يجب على الخليفة جباية أموال الفيء من الخراج والجزية ونحو ذلك، وكان أول من فرض الخراج عمر بن الخطاب في أيام خلافته بعد أن فتحت أراضي الشام والعراق.
الوظيفة الثامنة: تقدير العطايا وما يستحق في بيت المال من غير سرف ولا تقتير ودفعه في وقت لا تقديم ولا تأخير، وهذا يقرب مما يعرف في الدول الحديثة من إعداد للميزانية العامة للدولة والموازنة بين إرادتها ونفقاتها مما يحقق توازنًا للميزانية من غير سرف ولا تقتير؛ لأن السرف قد يؤدي إلى التضخم والافتقار، والتقتير قد يؤدي إلى ظلم الرعية، وذلك كله مما تحرمه الشريعة التي هو منوط بحراستها.
الوظيفة التاسعة: استكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوض إليهم من الأعمال ويكله إليهم من الأموال؛ لتكون الأعمال بالكفاءة مضبوطة، والأموال بالأمناء محفوظة، فعلى الحاكم في هذا الصدد -أي: حين يختار عماله- أن يدقق ويختار الأكفأ والأفضل والناصح والأمين، دون مراعاة لعوامل المحاباة والمحسوبية والرشوة أحيانًا، ومعلوم أن الكمال لله وحده، ولذلك فيجب بذل الوسع بقدر المستطاع عند إسناد الولايات العامة إلى بعض الناس بحيث يكون هؤلاء ممن يعرفون بالكفاءة والأمانة؛ لتكون الأعمال متقنة بالكفاءة والأموال مصونة بالأمانة.
الوظيفة العاشرة: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال؛ لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض تشاغلًا بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغشّ الناصح، وقد قال الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (ص: من الآية: 26) فلم