ومن الواضح من تقرير هذه الواجبات المختلفة على الخليفة أن الإسلام ينظر إليه كما ذكرنا على أنه المسئول الأول عن كل أعمال الدولة مسئولية مباشرة، ولذلك تتطلّب العلماء في الخليفة شروط خاصة تتصل بكفايته وقدرته على تحمل أعباء الحكم كما بينا ذلك بالتفصيل في شروط الإمام الأعظم.
الوظيفة السادسة: جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة ليقام بحق الله تعالى في إظهاره على الدين كله، ومعلوم أن الجهاد يكون عينيًّا وكفائيًّا فهو يجب وجوبًا عينيًّا على كل مكلف إذا استولى العدوّ على بعض بلاد المسلمين وتوقف دفعه على ذلك، أو إذا استنفر الإمام الناس إليه، وفيما عدا ذلك يكون واجبًا كفائيًّا إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، والجهاد قد يكون بالمال وبالدعوة إلى الإسلام بالبرهان، وبناء على ذلك فيجب طاعة الإمام فيما يأمر به من نظام التجنيد والتعليم العسكري استعدادًا لمجابهة الأعداء كما قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} (الأنفال: 60) والخطاب هنا لأمة المسلمين ومنهم الإمام باعتباره المسئول الأول عن جهاد المعاندين بعد دعوتهم.
الوظيفة السابعة: جباية الفيء والصدقات على ما أوجبها الشرع نصًّا واجتهادًا من غير خوف ولا عسف، وهذا في الواقع يؤدي إلى إيصال الحقوق إلى أصحابها؛ لكون الشارع قد جعل هذه الأموال حقوقًا لبعض الناس كالفقراء والمساكين فيما يتصل بالصدقات فقد لا يستطيعون المطالبة بحقوقهم؛ ولذلك حارب الخليفة الأول من فرّق بين الصلاة والزكاة فيما يعرف بحروب الردّة في التاريخ الإسلامي،