ونتكلم الآن عن أنواع المعهود إليهم، وحكم كلا منهم، فنقول: المعهود إليهم على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يكون المعهود إليه ولدًا أو والدًا، وقد اختلف العلماء في جواز أن ينفرد الإمام بعقد البيعة له على ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول: أنه لا يجوز أن ينفرد الإمام بعقد البيعة لواحدٍ منهما -يعني: لا لولده ولا لوالده- بل لا بد من موافقة أهل الحل والعقد على هذه البيعة؛ لأن ذلك منه تزكية له تجري مجرى الشهادة، وتقليده على الأمة يجري مجرى الحكم، وهو لا يجوز أن يشهد لوالده أو لولده، ولا يحكم لواحد منهما؛ لأنه ميالٌ بالطبع إلى كلِّ واحدٍ منهما.

المذهب الثاني ويقول: أن للإمام أن يعهد إلى الوالد أو الولد بدون استشارة أهل الحل والعقد؛ لأنه حاكم الأمة، وأمره نافذٌ عليهم ولهم، فحكم المنصب غالبٌ على حكم النسب، ولم يجعل للتهمة عليه في ذلك طريقًا، وصار فيها كعهده إلى غير ولده ووالده.

المذهب الثالث: ويرى أن للإمام أن ينفرد بعقد البيعة للوالد، وأما انفراده بعقدها للولد فلا يجوز؛ لأنه بالطبع يميل إلى الولد أكثر من ميله إلى الوالد؛ ولذلك كان كلُّ ما يقتنيه في الأغلب مدخرًا لولده دون والده.

القسم الثاني: أن لا يكون المعهود إليه ولدًا أو والدًا كأن يكون أخًا، أو ابن اعم، أو أجنبيًا، وهنا اتفق الفقهاء على أنه يجوز أن ينفرد الإمام بعقد البيعة له من غير أن يستشير فيه أهل الحل والعقد، ولكنهم اختلفوا في أنه هل يشترط ظهور الرضا من أهل الحل والعقد حتى تنعقد البيعة أو لا يشترط ذلك خلافٌ بين الفقهاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015