أحدًا أحق بهذا الأمر من هؤلاء الرهط الذين توفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راضٍ، فعد عليًا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعدًا، وعبد الرحمن، فلما توفى -رضي الله عنه- اجتمع هؤلاء الرهط الذين جُعِلَ الأمر فيهم، فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن بن عوف لعلي وعثمان: أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن بن عوف: أفتجعلونه إليّ، والله عليّ ألا آلو عن أفضلكم؟ قالا: نعم، فأخذ بيد علي وقال له: لك من قرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقِدم في الإسلام ما قد علمت، والله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن وتطيعن، ثم خلا بعثمان، فقال له مثل ذلك، ثم استقر رأي عبد الرحمن بن عوف على عثمان، فقال له: ارفع يدك يا عثمان فبايعه، وبايع له علي، وتتابع الناس فبايعوه.

الضرب الثاني: أن يعهد الإمام بالإمامة إلى أكثر من واحدٍ يرتبها فيهم، فيقول مثلًا: إن مت ففلان هو الإمام، فإن مات فالإمام فلان وهكذا، فالإمامة حينئذٍ يجب أن تكون لمن ذكرهم على الترتيب الذي بينه، فقد استدل على هذا أو قد استُدل على هذا بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- استخلف زيد بن حارثة على جيش مؤتة، ثم قال: فإن أصيب فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة، فإن أصيب فليرتضي المسلمون رجلًا، فتقدم زيد فقُتل فأخذ الراية جعفر، وتقدم فقُتل وأخذ الراية عبد الله بن رواحة، فتقدم فقُتل فاختار المسلمون بعده خالد بن الوليد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015