الطريق الأول: هو اختيار أهل الحل والعقد:
اختيار أهل الحل والعقد, أو بيعة أهل الحل والعقد, هو الطريق الأصل في انعقاد الإمامة عند جماهير العلماء من الفقهاء, والمتكلمين, فإذا خلا منصب الإمامة بموت الإمام, أو بعزله من منصبه, وجب على الأمة ممثلة في أهل الحل والعقد أن تتصفح أحوال من يمكن أن يقوم بأعباء هذا المنصب, فمن رأوه مستوفيًا شروطه بايعوه إمامًا لهم, فإذا لم يكن ثمة من تتوافر فيه الشروط غيره وجب عليه قبول هذا المنصب, إذا لم يكن هناك من الأعذار ما يبرر له رفض ما يعرضون عليه, وأما إذا كان له من الأعذار ما يمنعه من القيام بأعباء هذا المنصب, كما توضحه أحكام الشريعة, فحينئذ يعدلون عنه إلى غيره, مراعين في مبايعتهم الأفضل, حتى لا يلي هذا الأمر غير المستحق له.
يقول الإمام الماوردي في (الأحكام السلطانية):
فإذا تعين لأهل الاختيار من بين الجماعة من أداهم الاجتهاد إلى اختياره عرضوها عليه, فإن أجاب إليها بايعوه عليها, وانعقدت ببيعتهم له الإمامة, فلزم كافة الأمة الدخول في بيعته, والانقياد لطاعته, وإن امتنع من الإمامة ولم يجب إليها لم يجبر عليها؛ لأنها عقد مراضاة واختيار, لا يدخله إكراه, ولا إجبار, وعدل عنه إلى من سواه من مستحقيها.
ولكن نسأل سؤالًا: وهو لماذا يسند اختيار الرئيس إلى جماعة خاصة, كأهل الحل, والعقد؟
نقول: قد يكون لافتًا نظر الباحثين في نظام الحكم الإسلامي ما قرره فقهاء الإسلام من أن مهمة اختيار الإمام يجب أن توكل إلى جماعة خاصة دون باقي