وننتقل بعد ذلك إلى الشرط العاشر من شروط الإمامة العظمى, أو الشروط التي يجب توافرها في رئيس الدولة, وهذا الشرط هو الكفاية النفسية, نقول:
اختلفت تعابير العلماء في هذا الشرط, فبينما نجد البعض منهم يعبرون عن هذا الشرط بالشجاعة, نجد البعض الآخر عبر عنه بالكفاءة, وعلى كل حال فهذا الشرط سواء عُبر عنه بالشجاعة, أو جمع بينها وبين صحة الرأي وعبر عنهما بالكفاية قد اشترطه جمهور الفقهاء في الإمام, وعللوه -كما سبق- بأن من واجبات الإمام إقامة الحدود على مستحقيها, ولو كان جبانًا لأعجزه جبنه عن إقامتها, وحتى يمكنه اقتحام الحروب, وتجهيز الجيوش, إذن جمهور الفقهاء يرون شرط الشجاعة, أو الكفاية في الإمام الأعظم أو من يتولى الخلافة أو رياسة الدولة لماذا؟ قالوا: لأنه لو كان جبانًا لأصبح عاجزًا عن إقامة الحدود وإلا أصبح عاجز عن اقتحام الحروب وتجهيز الجيوش, وهذا من شأنه إلحاق الضرر بالدولة الإسلامية.
وقد خالف بعض العلماء في ذلك فقالوا بعدم اشتراط صفة الشجاعة في الإمام معليين ذلك بأنه يندر اجتماع هذه الصفة مع الصفات الأخرى المطلوبة في الإمام, ويمكن تفويض مقتضيات الشجاعة -أي الأمور التي تقتضي كون الإمام شجاعًا من الاقتصاص, وإقامة الحدود, وقود الجيوش إلى العدو إلى غيره- يعني بعض الفقهاء أو بعض العلماء لم يشترط هذا الشرط, لم يشترط في الإمام أن يكون شجاعًا, بل يقولون بأنه يُكتفى بذلك بأن يفوض غيره في القيام بهذه الأمور, سواء بالنسبة لتنفيذ الأحكام, أو إقامة الحدود, أو قيادة الجيوش, وتجهيز الجيوش وغير ذلك, فهو يقولون: يُكفتى بذلك, يعني الإمام يفوض غيره في هذه الأمور التي تعتمد على الشجاعة, ولا يضر عدم وجود هذا الشرط عند الإمام, وهم يقولون بأنه قلما نجد هذا الشرط مع بقية الشروط الأخرى.
والواقع أن اشتراط صفة الشجاعة في الإمام حتى يدافع عن حوزة المسلمين بالثبات في المعارك, وحتى لا يجبن عن إقامة الحدود على مستحقيها, كما علل بذلك بعض الفقهاء,