والقسم الثاني: ما يمنع من عقد الإمامة, ومن استدامتها, وهو فقد ما له تأثير في العمل, كفقد اليدين, أو له تأثير في النهوض كفقد الرجلين, فإن ذلك يؤدي إلى عجزه عن القيام بحقوق الأمة في العمل, أو النهوض, وبذلك يكون ذلك مانعًا من عقد الإمامة ابتداء, ومن استدامتها لو حدث ذلك بعد أن تولى الإمامة.
والقسم الثالث: ما يمنع بعض العمل, أو بعض النهوض, كفقد بعض اليدين, أو إحدى الرجلين, وذلك مانع من عقد الإمامة ابتداء؛ لأنه عاجز عن كمال التصرف في أمور الأمة, ولم يذكر الإمام الماوردي رأيًا يخالف ذلك.
وأما إذا طرأ ذلك على الإمام بعد انعقاد الإمامة له ففيه رأيان, أحدهما: يمنع من استدامتها؛ لأنه عجز مانع من ابتدائها, فكذلك هو مانع من استدامتها.
والثاني: لا يؤثر في استدامتها, وإن كان مانعًا من انعقادها ابتداء؛ لأن المعتبر في انعقادها كمال السلامة, وفي الخروج منها كمال النقص.
القسم الرابع: ما لا يمنع في فقده من استدامتها -أي الإمامة- واختلف في منعها ابتداء, وهو ما شان وقبح ولا أثر له في رأي, أو نهوض, أو عمل, وذلك كجدع أنف, أو فقئ إحدى العينين, فقد اتفق العلماء على أن ذلك لا يمنع من استدامة الإمامة؛ لأنه لا أثر له في شيء من حقوقها, واختلفوا في منع ذلك من عقد الإمامة ابتداء على رأيين:
أحدهما: أنه لا يؤثر في عقد الإمامة ابتداء؛ لأنه لا يخل بشيء من حقوق الإمامة.
ثانيهما: أن ذلك مانع من عقد الإمامة, والسلامة فيه شرط في صحة عقد الإمامة؛ حتى يسلم الأئمة من كل عيب يخل بتمام الهيبة التي يؤدي نقصانها إلى نفور عن الطاعة, وما أدى إلى هذا فهو نقص في حقوق الأمة.