وقد اختلف العلماء في طروء الخرس أو الصمم على الإمام, يعني طرأ عليه بعد ما تولى الإمامة, فذهب طائفة إلى وجوب خروج الإمام عن الإمامة إذا طرأ عليه خرس, أو صمم, كما يخرج إذا فقد بصره؛ لأن كلًّا من الخرس, والصمم له تأثيره في التدبير والعمل, وقالت طائفة أخرى: لا يخرج بطروء الصمم أو الخرس من الإمامة؛ لقيام الإشارة مقامهما, وقالت طائفة ثالثة: إن كان يحسن الكتابة لا يخرج, وإن لم يكن محسنًا لها خرج من الإمامة؛ لأن الكتابة مفهومة, والإشارة موهومة.
وقد صحح الماوردي بعد أن ذكر هذه الآراء الرأيَ الأول, وهو وجوب خروج الإمام عن الإمامة إذا طرأ عليه أحدهما.
ولا يضر ثقل السمع وضعف البصر إذا لم يمنعه من تمييز الأشخاص من انعقاد الإمامة أو دوامها.
وأما من ناحية سلامة الأعضاء فقد قسم الماوردي فقد الأعضاء إلي أربعة أقسام:
القسم الأول: ما لا يمنع من صحة عقد الإمامة, ولا من استدامتها, وهو ما لا يؤثر فقده في رأي ولا عمل ولا نهوض, ولا يشين في المنظر, مثل قطع الذكر, أو الأنثيين, فإنهما لا مدخل لهما في الرأي, وليس لهما من تأثير إلا في التناسل, فيجري ذلك مجرى العنة والإنسان العنين هو الذي لا يستطيع إتيان النساء, وقد مدح الله -سبحانه- نبيه يحيى بن زكريا -عليهما السلام- فقال: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ} (آل عمران: من الآية: 39) وفي معنى الحصور رأيان: أحدهما: أنه العنين الذي لا يستطيع إتيان النساء, وثانيهما: أنه من لا ذكر له يغشى به النساء, أو له ذكر كالنواة.