هم يقيسون الإمامة على النبوة, لكن الفقهاء يردون عليهم بأن هناك فرق واضح بين النبي, وبين الإمام, ولذلك هذا قياس مع الفارق, فالنبي مبعوث من الله -سبحانه وتعالى- مؤيد منه بالمعجزات الدالة على عصمته, وليس الإمام كذلك, فالذي ولَّى الإمام إنما هو الناس, أو أهل الحل والعقد, وهذا يختلف عن النبوة, وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتي بشريعة لا نعلم عنها شيئًا, فإذا لم يكن معصومًا فإن ذلك قد يؤدي إلى الوقوع في المعاصي والذنوب, ويأبى الله ذلك.

من الشبه التي استندوا إليها يقولون: إن طاعة الإمام واجبة بالنص, والإجماع, قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: من الآية 60) وكل واجب الطاعة واجب العصمة, وإلا فلو لم يكن واجب العصمة لجاز أن يكذب في أوامر الله -سبحانه- ونواهيه, ويأمر بالمنكرات وينهى عن الطاعات, وبما أن طاعاته واجبة فيلزم وجوب اجتناب الطاعات وارتكاب المعاصي, واللازم باطل فبطل ما أدى إليه وهو عدم كونه واجب العصمة, فثبت نقيضه وهو كونه واجب العصمة.

لكن يرد عليهم أيضًا في ذلك بأن الإمام إنما تجب طاعته فيما لا يخالف الشرع فيه, أما إذا خالف الشرع فلا تجب له الطاعة عملًا بقول الحق -سبحانه وتعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول} (النساء: من الآية 59) وقد كان يمكن قبول دعوى وجوب العصمة لو كانت طاعته واجبة بمجرد قوله, ولكن الأمر غير ذلك؛ إذ تجب طاعته لأن ذلك حكم الله ورسوله, وإذا كان الأمر كذلك فيكفي عدم كذبه في بيان الأحكام اشتراط الإسلام والعدالة, فيه كالقاضي, والوالي, بالنسبة إلى الناس, والشاهد بالنسبة إلى القاضي, وكالمفتي بالنسبة للمقلد, وأمثال ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015