سواء أكان الذنب ظاهرًا أم باطنًا, فهو غير مستحق لأن يكون إمامًا, فثبت أن الإمام يجب أن يكون معصومًا.
ويمكن أن نرد عليهم في هذا: بأن الآية الكريمة دلت على أن الإمام يجب ألا يكون مشتغلًا بالذنب, فأما كونه واجب العصمة, فلا دلالة في الآية عليه, هكذا أجاب الفقهاء عن هذه الشبهة بقولهم: لا نسلم أن الظالم من ليس بمعصوم, بل هو من ارتكب معصية مسقطة للعدالة, مع عدم التوبة, والإصلاح.
ومن الشبه التي استندوا إليها يقولون: ثبت بالدليل أن العصمة واجبة للنبوة, فبالقياس عليها نقول بوجوب العصمة للأئمة بجامع أن الكل مقيم للشريعة, ومنفذ لأحكام الله تعالى, هذه هي الشبهة الأخرى التي استندوا إليها, والتي يثبتون بها العصمة للأئمة, وهم يقيسون الأئمة على النبوة, بجامع أن الكل مقيم للشريعة, ومنفذ لأحكام الله تعالى.
والجواب عن هذه الشبهة:
أولًا: أن الفرق واضح بين النبي والإمام, فإن النبي مبعوث من الله -سبحانه- مؤيد منه بالمعجزات الدالة على عصمته من الكذب, وسائر الأمور التي تتنافى مع النبوة, ومنصب الرسالة, والإمام ليس كذلك, فلم يولَّ الإمامة إلا بطريق العباد, الذين لا يستطيعون الاطلاع على عصمته ومعرفة استقامة سريرته, فلا وجه لاشتراطها.
ثانيًا: أن النبي يأتي بالشريعة التي لا يعلم الناس عنها شيئًا إلا من جهته, فلو لم يكن معصومًا عن الكذب في تبليغها وارتكاب المعاصي, مع أننا مأمورون باتباعه في أمره ونهيه, واعتقاد أن ما يأتيه من الأفعال مباح, لكانت المعجزة التي أقامها الله -سبحانه- لتصديقه في ادعائه الرسالة, وصلاح أمر الدنيا والآخرة مفضية إلى ارتكاب المعاصى, واختلال حال العاجلة, والآخرة, يعني كأنه هناك فرق,