ومن الشبه الذي استندوا إليها أيضًا أن الإمام حافظٌ للشرعية, فلو جوزنا الخطأ عليه لكان ناقضًا لها لا حافظًا, فيعود على موضوعه بالنقض.
ويرد عليهم في ذلك بأن الإمام ليس حافظًا للشريعة بذاته, بل بالكتاب والسنة وإجماع الأمة واجتهاده الصحيح, فإذا اخطأ في اجتهاده, أو ارتكب إحدى المعاصي فالمجتهدونمن الأمة يصححون له اجتهاده, والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر يصدونه عن ضلالته, وإن لم يفعلوا أيضًا على فرض ذلك فلا نقض للشريعة.
وبعد فقد بان فساد ما استدل به الشيعة الاثنا العشرية, والإسماعيلية على وجوب العصمة للأئمة.
ويهمنا الآن أن نشير إلى أن الباعث إليهم على إيجاب هذه الصفة على ِأئمتهم إنما هو المبالغة في إجلالهم وتقديسهم لدرجة أن وصلوا بهم إلى مرتبة فوق مراتب سائر البشر, وقربوهم من مراتب الرسل بإظهار المعجزة على أيديهم وعصمتهم من الذنوب, ولم يفرقوا بين الأئمة والرسل إلا في أن الرسول ينزل إليه الوحي, والإمام لا يوحَى إليه, وكان السبب في خلع هذه القداسية على الأئمة دخول أفواج كثيرة من الفرس في الدين الإسلامي بعد الفتح, الذين يعتقدون في قداسة ملوكهم, وصاحبهم هذا الاعتقاد بعد دخولهم إلى الدين الجديد, فأحاطوا عليًّا بهالة من القداسة والسمو كان أسلافهم قد ألفوا أن يحيطوا بها ملوكهم, وكما تعود أسلافهم أن يلقبوا كسرى يلقب الملك المقدس ابن السماء, وأن يصفوه في كتبهم بأنه السيد والمرشد, كذلك فعل هؤلاء الذين اعتنقوا الإسلام فلقبوا عليًّا بالإمام,