بالعدالة, والبعض يعبر عنه بالصلاح في الدين, وبعضهم يعبر عنه بالورع, وقد اشترط الماوردي عدة شروط حتى تتحقق العدالة المطلوبة فقال في (ولاية القضاء):
والعدالة أن يكون صادق اللهجة, ظاهر الأمانة, عفيفًا عن المحارم, متوقيًا المآثم, بعيدًا من الريب, مأمونًا في الرضا والغضب, مستعملًا لمروءة مثله في دينه ودنياه.
واعتبار العدالة في الإمام قال به الجمهور من علماء الأمة؛ إذ إن هذا الشرط مطلوب في الشاهد, والقاضي, أي أنه يشترط في الشاهد حتى تقبل شهادته أن يكون عدلًا, ويشترط في القاضي حتى ينفذ حكمه أن يكون عدلًا, فإذا كان ذلك مطلوبًا في الشاهد, والقاضي, فينبغي أن يكون مطلوبًا من باب أولى في من يتولى الإمامة العظمى؛ لأن الإمامة العظمى أعلى منزلة من الشهادة, والقضاء, والفسق هو نقيض العدالة, وإذا كان هذا مانعًا من تقليد القضاء, والشهادة, أي الفسق, فبأن يكون مانعًا من تولي الإمامة العظمى من باب أولى, وإذا كان مطلوبًا من الإمام أن ينظر في مصالح المسلمين, فكيف يتم ذلك وهو بفسقه لم ينظر في أمور نفسه.
يقول البعض: والفاسق لا يصلح لأمر الدين, ولا يوثق بأوامره ونواهيه, والظالم يختل به أمر الدين والدنيا, وكيف يصلح للولاية, وما الوالي إلا لدفع شره.
ولم يخالف أحد الجمهور في القول باشتراط العدالة في الإمام إلا الحنفية, فإنهم لم يعدوها شرطًا من الشروط الواجبة, وأجازوا أن يلي الفاسق أمر الأمة, ولكنهم يكرهون ذلك, وهم يستندون فيما ذهبوا إليه, وهو أن العدالة ليست بشرط في الإمام الأعظم, يستندون في ذلك إلى أنه قد ثبت أن الصحابة صلوا خلف أئمة الجور من بني أمية, ورضوا بتقلدهم رياسة الدولة.