وقد بيّن العلماء أن ليس المراد من علمه بآيات الأحكام أن يكون حافظًا لها عن ظهر قلب، وإنما مرادهم بذلك أن يكون على معرفة بكيفية الرجوع إليها عندما يريد أن يستنبط حكمًا من الأحكام.
ثالثًا: أن يكون على علمٍ بأحاديث الأحكام، فيعرف سندها من: تواترٍ، وآحاد، ومشهور، وأن يكون على معرفة بحال راوي الحديث من الجرح والتعديل؛ حتى يمكنه من معرفة الأحاديث الصحيحة من غيرها، ولما كانت المدة الزمنية الفاصلة بيننا الآن وبين هؤلاء الرواة طويلة، فقد اكتفى العلماء بتعديل الأئمة الكبار الذين توافرت فيهم الثقة بالنسبة لعلم الحديث، كالبخاري ومسلم ... وغيرهما من علماء الحديث، يعني أنه يكفي هذا المجتهد أن يرجع إلى هذه الكتب، فإذا ذهب إلى صحيح البخاري وقال له: الراوي فلان عدل، فيكتفي بذلك، وليس مطلوبًا منه أن يبحث في تاريخ هذا الراوي، فينبغي علينا أن نقتصر؛ حتى لا تكون هناك مشقة، يعنى لو اقتصرنا على هذه الكتب الصحاح في تعديلها للرواة فهذا كافٍ ولا شيء في ذلك. وأيضًا ويجب كذلك أن يكون المجتهد على معرفةٍ بمتن أحاديث الأحكام، من النواحي التي سبقت، من عموم وخصوص، وإجمال وتفصيل ... وغير ذلك.
رابعًا: نظرًا إلى أن استنباط الأحكام محتاج إلى معرفة القواعد الأصولية التي يمكن بواسطتها استنباط هذه الأحكام؛ فإنه يجب أن يكون عالمًا بقواعد أصول الفقه.
خامسًا: يجب أن يكون عالمًا بالمسائل التي أجمع الفقهاء عليها؛ كي لا يخالف باجتهاده ما أجمع عليه العلماء في إحدى المسائل، فيؤدي ذلك إلى ارتكابه فعلًا محرمًا؛ لأن مخالفة إجماعه العلماء أمرٌ محرمٌ شرعًا.