من عدم الرئيس المطاع بالمفاسد الحاصلة من وجوده، فالمفاسد الحاصلة من عدمه أزيد بكثير من المفاسد الحاصلة من وجوده، وعند وقوع التعارض تكون العبرة بالرجحان، فإنّ ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير، يعني معنى ذلك يتحمل الضرر الأقل في سبيل دفع الضرر الأعظم.

ومن الأدلة أيضًا على وجوب نصب الإمام:

أن نصب الإمام لا يتمّ الواجبُ إلا به، وبيان ذلك أنه من المعلوم أن الشارع -تبارك وتعالى- أمر بإقامة الحدود على مستحقّيها، وتجهيز الجيوش للجهاد، وسد الثغور، وحفظ بيضة الإسلام، وذلك لا يقوم به فرد أو الأفراد، وإنما يقوم به سلطة عليا لها من الإمكانات الواسعة، وحق الطاعة على مجموع الأمة، ولها من قدرة التوجيه، ما يعينها على تنفيذ هذه الواجبات، وهذه السلطة العليا تتمثّل في الإمامة العظمى، فبها يُستطاع القيام بكل هذه الواجبات، وما يتمّ الواجب إلا به فهو واجب، فنصب الإمام واجب؛ ولذلك يقول البعض: والمسلمون لا بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم، وإقامة حدودهم، وسد ثغورهم، تجهيز جيوشهم، وأخذ صدقاتهم، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق، وإقامة الجمع والأعياد، وقطع المنازعات الواقعة بين العباد، وقبول الشهادات القائمة على الحقوق، وتزويج الصغار والصغائر الذين لا أولياء لهم، وقسمة الغنائم ... كل ذلك يحتاج إلى إمام، إذا لم يوجد إمام فقد تعطّلت كل هذه الأشياء.

البرهان الرابع أو الدليل الرابع:

على وجوب نصب الإمام: أن الصحابة بادروا بنصب إمام قبل قيامهم بدفن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعني أصحاب هذا الرأي القائلون بوجوب نصب الإمام يقولون بأن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اهتموا بأمر الخلافة، وحتى قبل أن يُوارى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثرى -قبل أن يدفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن صحابة بادوار بنصب إمام قبل قيامهم بدفن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك أن الصحابة قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لاختيار من يخلف الرسول -صلى الله عليه وسلم- وانتهى اجتماعهم إلى اختيار أبي بكر -رضي الله عنه- وكان ذلك عقب موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبل أن يقوموا بدفنه؛ مما يدل على أنهم اعتبروا نصب الإمام أهم الواجبات، وإلا لما رضوا بدفن الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم- وتقديم نصب الإمامة عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015