الربا وسوء المعاملة، وغدت النظم القبلية أداة في يد الملأ من سادة قريش يسخرونها لما يحقق لهم حياة النعيم على حساب بؤس وشقاء الآخرين.

هذه هي النظم التي كانت في مكة قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بيناها وبينا كيف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عاش هذه الحياة، وخبر هذه التجارب، وأصبح على علم تام بهذه النظم القبلية التي كانت سائدة بمكة، لكن بنزول القرآن الكريم، اندلعت الثورة على هذه الحياة القبلية ونظمها ومؤسساتها كما قلنا عند نزول الوحي بالقرآن الكريم على الرسول الأمين -صلى الله عليه وسلم- وهو في الأربعين من عمره، أثناء تعبده في غار حراء، لقد نزل القرآن الكريم ثورة اجتماعية ودينية ضد الاتجاهات القبلية ونظمها ومؤسساتها التي تركزت في مكة، ودعا إلى إقرار نظمٍ جديدة في سبيل بناء مجتمعٍ متحرر من النظرة القبلية الضيقة، وقائم على أساس العدالة العالمية.

إذن: بنزول القرآن الكريم أصبح هناك ثورة ضد هذه النظم البالية التي كانت قائمة على العصبية، وعلى حب القبيلة أكثر من غيرها، والتي كانت سائدة عن العرب في مكة، جاء القرآن الكريم ليعلن الثورة على هذه النظم البالية ومن أجل أن تكون هناك نظم أخرى تكون أوسع أفقًا وتشمل العالم بأسره، وتمت تنظيمات الرسول أثناء نشر الدعوة على مرحلتين هامتين مترابطتين الأولى: استهدف فيها الرسول الكريم نشر تعاليم الإسلام بما ينظم حياة الفرد في مكة، للتخلص من قيود العصبية القبلية في هذا المعقل القبلي الآثم وهو مكة، أما المرحلة الثانية: عمل فيها الرسول الكريم بعد هجرته إلى المدينة على تنظيم جماعة المؤمنين فيها لإعلاء شأن المجتمع الإسلامي الوليد وإعداد أبنائه لحمل رسالة الإسلام إلى سائر أرجاء العالم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015