غير مباشر فيما سنه لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أحكام؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- طاعته واجبة على كافة الخلق فيما أحبوا أو كرهوا ولا يجوز أن يعطى الحق للمسلمين في مشاورة تخرج عن نطاق هذه المسائل, لهذا نجد بعض المفسرين يذكرون عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه كان يقرأ الآية الواردة في سورة آل عمران: وشاروهم في بعض الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله أما الجمهور فإنهم لا يأخذون بهذه الزيادة, إلا أنه يرى أن الأمر هنا ليس واردًا على سبيل العموم إذا لا يشاور في التحليل والتحريم, وهذا الاتجاه يتفق مع المنطق والعقل وأساس التشريع الإسلامي.

ويؤيده أن المسائل التي وقعت فيها المشاورة في عهد الني -صلى الله عليه وسلم- كانت تتعلق بمسائل دنيوية كمسائل الحرب, وما يتعلق بالمعاملات الجارية بين الناس, ثم نتحدث عن موضوع آخر وهو مدى التزام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإتباع ما انتهى إليه المتشاورون إذا قلنا بان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرجع إلى الصحابة ويستشيرهم في الأمور فإذا اتفقوا على رأي معين فهل يأخذ بهذا الرأي أم أن من حقه أن يخالف هذا الرأي ويأخذ برأي يراه هو نقول: يبقى سؤال أخير فيما يتعلق بالأمر الوارد للرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمشاورة ومؤداه, هل كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإن كان ملزمًا بالمشاورة على التفصيل الذي بيناه؟ هل كان عليه أن يعمل بما ينتهي إليه أغلبية المتشاورين؟ أي: هل كان ملزمًا بأن يعمل بما انتهى إليه رأي الأغلبية أم لا؟ نقول لم يتفق الفقهاء على إجابة محددة حول هذا السؤال والسبب الذي أدى إلى عدم الجزم بإجابة محددة هو عدم اتفاقهم على تفسير قوله عز وجل: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (آل عمران: من الآية: 159) فيذهب رأي إلى أن الأمر الوارد في الآية ينصرف إلى وجوب المشاورة فإذا انتهت وعزم الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أمر من الأمور فله أن يمضي فيه ويتوكل على الله تعالى لا على مشاورتهم, أي: أن الشورى واجبة ابتداء لا انتهاء. أي: أنه كان يشاورهم في الابتداء الأمر لكن نتيجة المشاورة لم يكن ملزمًا بها النبي -صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015