رأينا, هذا معناه أن الصحابة كانت الأمور الدينية لا يبدون فيها رأيًا ويسألون أولًا النبي -صلى الله عليه وسلم- هل هذا الأمر يتصل بالدين أو يتصل بأمور الدنيا فإن كان يتصل بأمور الدين لا يبدون رأيًا, أما إذا كان يتصل بأمور الدنيا كالحرب مثلًا فكانوا يبدون رأيهم في ذلك, ومن بين من قالوا بذلك يذهب إلى أن استشارة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المسائل الدينية, وإن لم يكن على سبيل الحكم والإلزام إلا إنها كانت تطييبًا لنفوس المسلمين, وهذا لا ينافي أن مرجع الأمور الدينية هو الوحي.

يعني: وإن قلنا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يستشيرهم في أمور الدنيا فقط, لكن إنه -صلى الله عليه وسلم- يشيرهم في بعض الأمر أو يستشيرهم في بعض الأمور الدنيوية فهذا ليس واجبًا عليه, وإنما هو من باب تطييب النفوس فقط.

هذا هو الرأي الأول والذي يقول بأن المشاورة إنما لا تكون في الأمور الدينية وإنما تكون في الأمور الدنيوية فقط.

ويذهب البعض الآخر إلى أن نطاق المشاورة يشمل المسائل الدنيوية كما يشمل أيضًا المسائل الدينية, فيما لم ينزل فيه وحي, والوحي يصوب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحالة الأخيرة, إذا ما أخطأ المتشاورن إلا أن هذا الأمر ليس معناه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان في حاجة إلى المشاورة, وإنما هو تنبيه من الشارع الحكيم لما في الشورى من فضل وحتى تقتضي به الأمة من بعده, هذا هو الرأي الثاني, ونحن نرى أن الاتجاه الذي يرى بأن الشورى ملزمة ويحدد نطاقها في المسائل الدنيوية التي لم يرد فيها نص هو الرأي الأدعى للقبول والراجح في نظرنا ذلك أن المسائل الدينية تخرج عن نطاق المشاورة؛ لأن أساسها والمرجع فيها إلى الوحي سواء أكان بطريق مباشر, وهو ما ينزل به الوحي من نصوص الكتاب أو بطريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015