هذا هو كلام الدكتور/ عبد الحميد في كتابه (مبادئ نظام الحكم في الإسلام) صـ190 وما بعدها.
هو يستند في ذلك إلى أن سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر -رضوان الله تبارك وتعالى عنهما- كانوا لا يأخذون بالحديث إذا كان يقول به صحابي واحد، بل يسألون عن أشخاص آخرين، ربما سمعوا هذا الحديث، فهو يقول: مادام أبو بكر وعمر كانوا لا يعتمدون ولا يأخذون بهذا الحديث إلا بالرجوع والسؤال عن مدى صحة الحديث عند غير الذي قال به، يقول: بالقياس على ما فعله أبو بكر وما فعله عمر ينبغي علينا ألا نأخذ بسنة الآحاد في أمور مهمة، مثل الأحكام الدستورية في الحكم.
ويرد على ذلك ونقول ما ذهب إليه المؤلف الفاضل غير صحيح؛ لأن المعروف عن صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا: إذا ثبت عندهم الحديث فإنهم يحتجون به، وقد كانوا يعملون بخبر الواحد، وتواتر عندهم ذلك، وما ردوه من الأخبار أو توقفوا فيه فإنما كان لأمور اقتضت ذلك من وجود معارض أو فوات شرط، لا لأنهم يرفضون العمل بسنة الآحاد أصلًا كما فهمه خطأ ذلك المؤلف الذي يتصور أن حديث الآحاد هو ما رواه واحد فقط، وهذا بطبيعة الحال ينم عن جهل فاضح بسنة الآحاد التي لم تتوافر لها شروط التواتر أو الشهرة على مصطلح الحنفية.
على كل حال: يتضح من هذا أن الدكتور ما فهم معنى سنة الآحاد؛ ولذلك هو نظر إلى أنه بعض الأحيان كان سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر عندما يخبرهم أحد الصحابة بالحديث إنما كانوا لا يقتنعون بذلك ويسألون الصحابة الآخرين: هل سمعتم هذا الحديث أم لم تسمعوه؟ إنما فعل ذلك الإمامان الجليلان من أجل وجود معارض لما يؤدي إليه هذا الحديث فهم فقط