الأرض، ومغاربها- وهو أن تكون جارية في النطاق الإسلامي، ومستمدة منه في أصولها، والقول بذلك لا يغل التفكير الإسلامي؛ فإن المسلمين مطالبون بالبحث والنظر، وابتكار الوسائل التي تتلاءم مع أوضاعهم المتغيرة فيما لا يخالف الشرع، كما أن عليهم أن يفيدوا الآخرين، ويستفيدوا منهم؛ فإن معضلات السياسة مما تتباين فيها الأنظار، وتتعدد فيها الأقوال، وهو من وسائل إثراء الفكر السياسي؛ لأنه مما يؤثر، ويتأثر بتطور الوقائع والأحداث.

ومن نتائج ذلك أن تختلف الأساليب التي تعالج متطلبات الواقع الخاص بكل إقليم من الأقاليم الإسلامية، ولا غضاضة في هذا، ولا مصادمة فيه للنصوص، أو القواعد الإسلامية؛ إذ من الطبيعي أن يختلف كل قطر في عاداته، وأحواله الاجتماعية، والاقتصادية، والعمرانية، والثقافية، ويهيمن على ذلك كله السياسة المرسومة للإقليم، أو القطر، التي تستهدف التعرف على أفضل الوسائل التي تتحقق بها النهضة، والتقدم للإقليم في إطار من الشورى، وتبادل الرأي، والتعاون بين أبناء الدين والوطن الواحد.

إن في تلمس الأسباب، أو الأساليب التي تحقق الغاية في رفعة الإقليم ونهضته ما يوجب إتاحة الفرصة لكل الآراء، ولكافة الاتجاهات، واعتبار ذلك مقياسًا صحيحًا للإحاطة بوجهات النظر المختلفة، والمتعارضة أحيانًا للأخذ منها بأفضلها، وإلزام الجميع بما انتهى إليه الرأي، دون انتقاص، أو تسفيه لرأي المخالف.

لكن حرية الفكر، ووجوب الشورى، وإجازة استقلال كل إقليم بسياسة خاصة به؛ إنما تشكل بعض مظاهر لسياسة عامة موحدة تحكم المسلمين جميعًا، مضمونها: وحدة المقومات التي تتغيا مصلحة الجميع، وأن يكونوا صفًا واحدًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015