أيضًا: على المسلم أن يعلم أن الزكاة تظل دينًا في عنق المسلم, لا تبرأ ذمته منه, ولا يصح إسلام إلا بأدائها, وإن تكاثرت الأعوام, وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن حزم:
من اجتمع في ماله زكاتان فصاعدًا, وهو حي, تؤدي كلها لكل سنة على عدد ما وجب عليه في كل عام, وسواء كان ذلك لهروبه بماله, أو لتأخير الساعي, أو لجهله, أو لغير ذلك, وسواء في ذلك العين, والحرث, والماشية, وسواء أتت الزكاة على جميع ماله, أو لم تأت, وسواء رجع ماله بعد أخذ الزكاة منه إلى ما لا زكاة فيه, أو لم يرجع, ولا يأخذ الغرماء شيئًا حتى تستوفى الزكاة.
وبهذا نرى أن مسلك التشريع الإسلامي يختلف عن مسلك التشريعات المالية الحديثة التي تأخذ بمبدأ سقوط الضرائب بالتقادم بمرور مدة معينة دون المطالبة بها, فمعنى ذلك أن الزكاة لا تسقط بالتقادم.
هذه هي أهم الإجراءات الكفيلة بمنع التهرب من أداء الزكاة, والأخذ بها -لا شك- من شأنه أن يكون حائلًا بين من تسول له نفسه التهرب من أداء الزكاة, وبين هذا التهرب, ونحن نعرف أن القضاء على التهرب من أداء الزكاة معناه أن يساهم الجميع في التكاليف العامة المالية المقررة في الدولة دون استثناء, وبالتالي تتحقق المساواة الكاملة بين المكلفين في تحمل التكاليف العامة المالية في الدولة, والتي من أهمها الزكاة.
ومن الأمور التي ينبغي أن نلفت إليها النظر مراعاة ظروف المكلف؛ لأنا -كما قلنا- ندرس هذه الزكاة, أو غيرها من موارد بيت المال, ندرسها من ناحية المساواة, ومن ناحية العدالة, والعدالة تقتضي أيضًا أن تفرض الزكاة بمقدار معين يتناسب مع المكلف, وهذا ما يسمى بمراعاة ظروف المكلف بأداء الزكاة.