إقرار الثروة:
أوجب التشريع الإسلامي على المكلفين أن يقروا بما لديهم من أموال, بصورة أمينة, إلى عمال الزكاة, ولا يخفوها عنهم, ويدل على ذلك عن جرير بن عبد الله أنه كان يقول لبنيه: يا بني إذا جاءكم المصدق فلا تكتموه من نعمكم شيئًا, فإنه إن عدل عليكم فهو خير لكم وله, وإن جار عليكم فهو شر له وخير لكم, وروي عن زاهر بن يربوع أن رجلًا جاء إلى أبي هريرة فقال: أأخبئ منهم -أي عمال الزكاة- كريمة مالي, يعني الشاه الطيبة, قال: فقال لا, إذا أتوكم فلا تعصوهم, وإذا أدبروا فلا تسبوهم, فتكون عاصيًا خفف عن ظالم, ولكن قل: هذا مالي, وهذا الحق, فخذ الحق وذر الباطل, فإن أخذه فزاد, وإن تعده إلى غيره جمع لك في الميزان يوم القيامة.
عن أبي هريرة, وأبي أسيد صاحبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهما قالا: إن حقًّا على الناس إذا قدم عليهم المصدق أن يرحبوا به, ويخبروه بأموالهم كلها, ولا يخفوا عنه شيئًا فإن عدل فسبيل ذلك, وإن كان غير ذلك واعتدى لم يضر إلا نفسه, وسيخلف الله له, أي يعوضهم عما أخذ منهم.
ولا شك أن التشريع الإسلامي بهذا, أي بإقرار الثروة, يكون قد سبق علماء المالية العامة المعاصرين, الذين ينادون بضرورة العمل على إزالة أسباب التوتر بين الممولين, ورجال مصلحة الضرائب, حتى تزيد الثقة, ويتحقق التعاون بينهم؛ لأن العلاقة بين الممول, وبين عمال الجباية, يجب أن تكون بعيدة عن أي لون من ألوان العداوة, لذلك أنه في الوقت الحاضر تعمل الإدارات المالية جاهدة على تحسين علاقتها مع الممولين, وإزالة أسباب عدم الثقة والتوتر بينها وبينهم, ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى مكافحة التهرب الضريبي.