نقول: لما كان الهدف من فرض الزكاة هو تعميم النفع, فليس من مقتضيات ذلك أن تفرض الزكاة على المكلفين بطريقة جامدة, لا تراعي ظروفهم, ولا تهتم بتوفير العدل الذي يتطلبه الإسلام في كل شئون الحياة في المجتمع, فالعدالة تقتضي أن يشترك المكلف في المساهمة في نفقات الدولة تبعًا لمقدرته المالية, أي أن توزع التكاليف العامة المالية على الممولين حسب يسارهم.

إن العمومية في الزكاة وإن كان لها أهميتها الكبرى, إلا أنها ولابد وأن تقترن بفكرة أخرى هي شخصية العبء الزكوي نفسه, فلا يكفي أن يتحمل كل فرد عبئً زكويًّا, ولكن لابد وأن يتفق هذا العبء مع مقدرة الممول المالية, وظروفه الشخصية, ولقد كان الإسلام سباقًا إلى تبني فكرة المقدرة التكلفية للممول, فالتكاليف المالية الإسلامية تفرض على أساس الطاقة المالية, أي المقدرة التكلفية, فالأصل في الإسلام أن يكون التكليف بما في الوسع والطاقة, وفي ذلك يقول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (البقرة: من الآية: 285) وقد حدد القرآن الكريم هذه الطاقة المالية بقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ} (البقرة: من الآية: 219) والعفو هو الفائض المتيسر مما زاد عن الكفاية, والحاجة, وقد وردت الآية القرآنية تؤكد وجوب الإنفاق من الفضل الزائد عن الحاجة, فيقول الله تعالى: {وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُم} (البقرة: من الآية: 236).

وإذا كنا نقول بضرورة المساواة بين المسلمين في التكاليف بالزكاة, متى تحققت الشروط اللازمة لوجوب الزكاة, فإن ذلك لا يعني أن يتساوي مقدار ما يؤديه كل فرد من الزكاة, مهما اختلفت مقدرتهم المالية على الأداء؛ لأن المساواة في هذه الحالة ظلم؛ لأنها مساواة بين غير متماثلين, أما إذا تعادلت المقدرة المالية,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015