النظام المالي في تلك الولاية، حتى بعد انتهاء العصر الأموي، وقيام العباسيين في الخلافة.
ففي الشام اتبع الأمويون نفس القواعد العامة التي صاروا عليها في العراق، من حيث إجراء تعداد للسكان، كلما اقتضى الأمر تعديلًا في الموارد المالية، وظلت في نفس الوقت القواعد الأساسية للنظام المالي للخليفة عمر بن الخطاب سارية في بلاد الشام؛ حيث كانت المدن تدفع ما عليها من جزية وخراج جملة واحدة، ولكن تميزت الشام بوجود بيت المال المركزي، الذي كانت تأتي إليه الموارد الفائضة عن بيوت المال في الولايات، وكان المورد الرئيسي للخلفاء الأمويين في دمشق يأتيهم من الزيادات التي قرروها على بعض الولايات، أو من قادة الفتوح، وكذلك من الصوافي، وهي: الأراضي التي كانت ملكًا في الأصل لأكاسرة الفرس، وقياصرة الروم، أو كانت لرجل قتل في الحرب، أو رجل لحق بأهل الحرب -أي: بالعدو- فهذه الأراضي تسمى: الصوافي.
وإنما كانت تسمى بالصوافي؛ لأن الخليفة استصفاها -أي: جعلها خالصة- لبيت المال، وأحيانًا كان يطلق عليها اسم: القطائع؛ لأن الخليفة كان يوزع بعضها إقطاعات على من يشاء من المقربين له، هذا أيضًا نوع جديد من أنواع الموارد المالية التي أنشأها وابتدعها الأمويون.
واستطاع الخلفاء الأمويون بذلك أن ينهضوا بأعباء البلاط في دمشق، إذ كثرت عليهم الوفود، وما تطلبته من منح عالية، وكذلك لاسترضاء القبائل العديدة، وشراء ولائها بالمال، وترك الأمويون وراءهم كنوزًا فنية ومعمارية تشهد لهم بالثراء العريض، وحسن التنظيم المالي.