بالشئون المالية عن العمال العرب، وبرّر سياسته قائلًا: "إذا استعملت العربي كسر الخراج -يعني: قل الخراج- فإن أغرمت عشيرته، أو طالبته، أوغرت صدورهم، وإن تركته تركت مال الله، وأنا أعرف مكانه، فوجدت الدهاقين أبصر بالجباية، وأوفى بالأمانة، وأهون بالمطالبة منه".
فهذا نوع أنشأه الأمويون بقصد زيادة الحصيلة من الجزية والخراج؛ إذ استعملوا غير المسلمين، وهم رؤساء القرى لهذه البلاد في الجباية بدل العمال العرب والمسلمين، وبرر ذلك -كما بينا- عبيد الله بن زياد فيقول بأنه عندما يتولى العربي جباية الخراج والجزية فإنه يقل الخراج، ولا نستطيع أن نحاسبه على ذلك، لكن إن أسندنا هذه الوظيفة إلى غير المسلمين مثل: الدهاقين -وهم رؤساء القرى- فهم أقدر على تحصيل الجزية، وعلى تحصيل الخراج؛ لأنهم أعرف بذلك من العرب؛ ولذلك فضلوا هؤلاء على العرب.
وحدث على عهد الخليفة عبد الملك بن مروان تعديل في نظام الضرائب في شمال العراق بأرض الجزيرة؛ ضمانًا لزيادة الموارد؛ إذ بعث الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري إلى أهل الجزيرة، وقام بإحصاء عددهم، ثم حسب ما يكسبه العامل في سنته كلها، ثم طرح نفقته في طعامه وكسوته، فوجد أن الذي يحصل بعد ذلك في السنة كلها لكل واحد أربعة دنانير، فألزمهم ذلك جميعًا، وجعلهم طبقة واحدة، هذا نوع أيضًا من أنواع الموارد المالية الجديدة التي أنشأها وابتدعها الأمويون في زمن خلافتهم، وهذا يكمن في الإحصاء للناس، ثم فرض ضرائب عليهم وهي ما تعرف: بـ ضريبة الرءوس.
ولجأ الأمويون إلى سياسة إحصاء السكان في العرق كلما تطلب الأمر تعديلًا في الموارد، وكان آخر الأعمال الأموية في تلك السبيل، ما قام به عمر بن هبيرة في خلافة يزيد الثاني سنة مائة وخمسة هجريًّا، إذ قام بمسح السواد -أي: سواد العراق- وحدد الجهات التي تؤخذ منها الضرائب، وهو المسح الذي صار قاعدة