لأقوال الصحابة والتابعين والأئمة ومن جاء بعدهم من فقهاء المذاهب».

الصنف السادس: معاملات ثلاث يتوهَّمُ منها الباحث أنَّ الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجتهد فيها، ولم يحصن بوحي، لا قبل الاجتهاد ولا بعده، هي: القراض، وبيع العرايا، والسَلَم. فيقول عن القراض صفحة «37»: «فالقراض والمضاربة مثلاً كان نظاماً معمولاً به في الجاهلية، وظل حتى وجده الرسول في المدينة، ونظر إليه على ضوء المصلحة والقواعد العامة، فتركه كما هو يتعامل الناس به دون حرج، وهو موجود في كتب الفقه الآن على الأسس التي كان عليها في الجاهلية على اعتبار أنَّ الرسول قد أقرّهُ».

ولست أرى ضيراً في هذا، فبعض المعاملات الصالحة التي كانت في الجاهلية أقرَّها الإسلام، وصارت تشريعاً إسلامياً سماوياً بعد إقرارها، حتى في العبادات، فقد أقرَّ السعي بين الصفا والمروة ومعظم شعائر الحج، وكانت منذ زمن إبراهيم - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَلاَةِ وَالسَّلاَمُ -. وإقرار الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها إقرار من الله تعالى، ولا يستطيع إنسان مسلم أنْ يجزم بأنَّ محمداً - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يوح إليه بإقرارها قبل إقراره لها؛ لأنَّ ذلك لا يعرف إلاَّ عن طريقه هو - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كأن يقول: ليس وحياً وإنما هو الرأي، كما قال في منزل الجيش ببدر، لكنه لم يقل، ثم لنفرض أنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقرَّ هذه المعاملة أو غيرها عن اجتهاد. فما هو شرع الله فيها؟ من غير المعقول ومن غير المقبول شرعاً ألاَّ يكون الله حكم فيها، إذن حُكم الله إما موافق لما حكم به محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فالحكم في النهاية لله، وإما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015