وعمر، فلما كان عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - تغيَّر حال المدينة، والباحث نفسه يعترف بذلك فيقول صفحة «50»: «حتى جاء عهد عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وحال المدينة والصحراء حولها والطرق إليها قد تغيَّرت، ولم تعد شبه منعزلة، وتغيَّر حال الأمن الذي كان من قبل، بوجود الأغراب النازحين القادمين للمدينة الذين يجوبون الصحراء منها وإليها، حينئذ رأى عثمان تغيُّرَ الحال، وأنَّ الجِمالَ التي كانت آمنة من قبل، وترعى الصحراء أصبحت معرَّضة للخطر، يمكن لأي غريب راجع لبلده من المدينة مثلاً أنْ يسُوقها أمامه، ويبيعها في بلد آخر، في الشام أو العراق أو مصر، ولذلك رأى الخليفة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ووافقه عَلِيٌّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - التقطها حفظاً لها ولمال صاحبها».
الباحث يرى أنَّ عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وعليّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - خالفا رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأهملا حديثه، فيستبيح هو لنفسه تبعاً لذلك أنْ يخالفه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البيع والشراء وبقية المعاملات، ولا يأخذ بحديثه. والحق أنهما عملا بمفهوم حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يخالفاه، ولو سئل رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهما خالفاك؟ لقال: لا. ولو اشتم أحد الصحابة أنهما خالفا بعملهما هذا حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقامت الدنيا وقعدت، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، لأنَّ الكل يفهم أنَّ المخالفة تحصل لو كانت آمنة، ثم سمح بالتقاطها.