وحدَّدَ فيها: كتابة الدين، ومواصفات الكاتب وواجباته، وحق الدَيْنِ في الإملاء، وإملاء وليِّهِ في حالة عدم صلاحيته، وصفات الشهود، وشروطهم، وواجباتهم، وقال: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (?) ليس من المعقول أنَّ الله الذي اهتم بالدَّيْنِ هذا الاهتمام يترك البيع والشراء وتفصيل الربا والرهن والشركة وغيرها من المعاملات دون تشريع.
هل يعقل أنَّ الله يترك البشرية تنظِّمُ أمورها ومعاملاتها على حسب أهوائها حتى يضع القيود لضعيفهم باسم القوانين؟ وهو الحَكَمُ العدل العليم الخبير الذي راقب حركة عين محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نظرتها لابن أم مكتوم فوضع لها قانوناً يُتلى في القرآن {عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} (?)؟
هل يعقل أنْ يترك البشرية هملاً يأكل بعضهم مال بعض ظلماً وعُدواناً تحت عنوان «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِشُؤُونِ دُنْيَاكُمْ»؟
هل يعقل أنْ يترك الله تعالى هذه القوانين لمحمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دون رقابة أو تصحيح؟ فيخطئ، فتعمل الأُمَّة مجتمعة بالخطأ أربعة عشر قرناً حتى يبعث الله لها من يرعى مصالحها ويخالف حكم محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ أظنُّ أنَّ العقل المسلم يستبعد ذلك كل الاستبعاد.
ولزيادة الإيضاح، وحتى تنقطع كل شبهة لمشتبه، ولتقطع كل المعاذير نذكر خمس مُسَلَّمات لا يعارض فيها أي مسلم:
الأولى: أنَّ السامعين للخطاب «أَنْتُمْ» يدخلون في الحكم دخولاً أولياً.