غيركم والكلام على قاعدة: مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أحاداً، تقول: أعطيت الطلاب كتباً على معنى أعطيت كل طالب كتاباً، فيصبح المعنى كل واحد أعلم من غيره بشؤون ومصالح نفسه، وهذا الاحتمال إنْ صحَّ في المباحات لا يصح في الواجبات والمُحرَّمات، فالشرع وحده هو الذي حدَّدها على أنها المصلحة، بناء على سبق علم الله الذي خلق ثم إنَّ هذا الاحتمال لا يتناسب مع قصة الحديث.
ومِمَّا هو واضح أنَّ الاحتمال الثاني هو المراد، ثم يليه الأول، وعلى كل حال لا يصحُّ الاستدلال بالحديث على إباحة التغيير والمعاملات: لأنَّ الحديث - كما رأينا - تطرَّقَ إليه أكثر من احتمال، والدليل إذا تطرَّقَ إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
مع أنَّ احتمال دخول المعاملات في الحديث كأحد الاحتالات مستبعد أصالة وابتداء؛ لأنَّ المعاملات كما يفهم من معناها علاقة الأفراد والجماعات بعضهم ببعض فيما يتعلق بمعاشهم، وهذه العلاقة تحكمها دائماً قواعد وأصول وضوبط، لئلاَّ يحيف بعض الأطراف على بعض، والأمم غير الإسلامية وضعت لذلك قوانين، والإسلام وضع لها أرقى أنواع التشريع.
وليس من المعقول أنَّ الله الذي أنزل أطول آياته في القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ ... } (?)