بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ». قال خالد بن الوليد: فَاجْتَزَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ إِلَيَّ (?). هكذا كان الصحابة يعلمون أن أكله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تشريع، ويخافون من امتناعه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أكل شيء أن يكون مَمْنُوعًا وَحَرَامًا، ولا يتصور مسلم أنهم يُسَوُّونَ بين أكل رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لطعام وأكل غيره من الصحابة لهذا الطعام، وما ذلك إلا لإيمانهم بأن فعل رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تشريع، وكان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَكِّدُ لَهُمْ هذا المعنى، فحين يحكم لهم بالقول بِحِلِّ شَيْءٍ كَانَ يُؤَكِّدُ هَذَا التَّحْلِيلَ اللفظي بالتحليل العملي فيسألهم أن يشركوه في أكل ما يسألون عن أكله فبعد أن أَحَلَّ لهم أكل الحمار الوحشي، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُوهُ، هُوَ حَلاَلٌ»، قَالَ لَهُمْ: «هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟» فَنَاوَلُوهُ العَضُدَ فَأَكَلَهَا (?). وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ لَهُمْ: «كُلُوا وَأَطْعِمُونِي». قال بعض العلماء؛ طلب النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأكل تَطْيِيبًا لقلب من أكل وبيانًا للجواز بالقول والفعل لإزالة الشُبْهَةِ (?). إن الذين ينفون التشريع عن فعل النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأكل والشرب يُسَوُّونَ بَيْنَ أَكْلِ مُحَمَّدٍ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ أَكْلِ أَبِي جَهْلٍ وَأَبِي لَهَبٍ، فالكل عندهم صادر عن الجبلة والعادة والطبيعة البشرية. وما هكذا يفهم الإسلام.

هذا وإن ما يتعلق بالطعام والشراب يجري حكمه في جميع الأفعال الجبلية البشرية حتى قضاء الحاجة، وعلاقة الرجل بالمرأة، وهي أمور جبلية يشترك فيها الحيوان الأعجم مع الإنسان، تدخلت الشريعة الإسلامية فيها، وتدخلت السُنَّةُ النَّبَوِيَّةُ نحوها بتهذيب الطبائع وتقويم العادات.

كانوا يقضون الحاجة جماعات، يرى بعضهم بعضًا، ويكلم بعضهم بعضًا، فَعَلَّمَ رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّتَهُ البُعْدَ عِنْدَ قَضَاءِ الحَاجَةِ، وَعَلَّمَهُمْ التواري والتستر وعدم الكلام مِمَّا لم يكن مألوفًا وكانوا يبولون قِيَامًا، فلما بال رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا قال بعضهم لبعض: انظروا، إنه يبول جَالِسًا كما تبول المرأة (?).

وكانوا لا يؤاكلون الحائض، ولا يأكلون ما عملت يداها، ولا يخالطونها ولا يلامسونها، عادات يهودية جاهلية، فتدخلت الشريعة بتغيير ما لا يصلح، فكان رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يباشر نساءه فوق الإزار وَهُنَّ حُيَّضٌ (?)، وتغسل زوجته له رأسه وهي حائض (?)، ويطلب من زوجته الحائض أن تناوله فراش الصلاة، فَتَقُولُ لَهُ: إِنِّي حَائِضٌ؟ فَيَقُولُ لَهَا: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» (?)، وتشرب عائشة من الإناء، وهي حائض، فيطلبه منها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015