- صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتناوله، فيضع فَاهُ على موضع فَمِهَا حين شربت، فيشرب من مكان شُرْبِهَا وتنهش من قطعة اللحم، وهي حائض، فيتناولها منها، وينهش من المكان الذي نهشت منه، ويضع فمه على موضع فمها، ويتكئ في حجرها، وهي حائض، فيقرأ القرآن (?).
كل هذه الأفعال سبيلها سبيل الحاجة البشرية، وكلها شرع وتشريع، يقول الإمام النووي استنباطًا من هذه الأحاديث: «[فَفِيهِ جَوَازُ] النَّوْمِ مَعَ الحَائِضِ وَالاِضْطِجَاعِ مَعَهَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ، إِذَا كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ مُلاَقَاةِ البَشَرَةِ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، أَوْ يَمْنَعُ الفَرْجَ وَحْدَهُ عِنْدَ مَنْ لاَ يُحَرِّمُ إِلاَّ الفَرْجَ، قَالَ العُلَمَاءُ: لاَ تُكْرَهُ مُضَاجَعَةُ الْحَائِضِ، وَلاَ قُبْلَتُهَا وَلاَ الاِسْتِمْتَاعُ بِهَا فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ، وَلاَ يُكْرَهُ وَضْعُ يَدِهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَائِعَاتِ، وَلاَ يُكْرَهُ غَسْلُهَا رَأْسَ زَوْجِهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَحَارِمِهَا، [وَتَرْجِيلُهُ] وَلاَ يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَعَجْنُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الصَّنَائِعِ، وَسُؤْرُهَا وَعَرَقُهَا طَاهِرَانِ، وَكُلُّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَقَلَ [الإِِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ] بْنُ جَرِيرٍ [فِي كِتَابِهِ فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ] وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا كُلِّهِ، وَدَلاَئِلُهُ مِنَ السُّنَّةِ ظَاهِرَةٌ مَشْهُورَةٌ» (?)، فمن أين لنا هذه الأحكام الشرعية لو لم تكن أفعاله هذه تشريعًا؟.
نعم. وإن ما يجري في الطعام والشراب يجري حكمه في جميع الأفعال الجبلية البشرية، ففي اللباس حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الرجال تطويل الثياب كِبْرًا وَفَخْرًا فقال: «مَا أَسْفَلَ الكَعْبَيْنِ فَفِي النَّارِ» (?). وقال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» (?).
وَحَرَّمَ عليهم لبس الحرير، فقال: «مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ» (?).
وَنَهَى - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المشي في نعل واحدة، فقال: «لاَ يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا» (?).
وفي مباحات الثياب لبس - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإزار والرداء، ولبس الجُبَّةَ الشَّامِيَّةَ، ولبس القميص ولبس جُبَّةً من صوف، ولبس القباء، وكسا بعض أصحابه البرانس، واشترى السراويل، وَرُوِيَ أَنَّهُ لَبِسَهَا، ولبس العمامة، وَتَقَنَّعَ، وَعَصَّبَ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فَوْقَ العِمَامَةِ ولبس على رأسه المغفر، وكانت العمامة السوداء فوق المغفر، ولبس البردة النجراني ولبس الحبرة، وكانت أحب الثياب إليه، وهي على وزن (عنبة) وهي بردة يمانية مخططة موشاة مزينة، ولبس الشملة، وهي ثوب طويل أشبه بما يعرف في أيامنا بالشال، يلتحف بها،