بِنَفْسِهِ.

وَكُلُّ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَصْفِ الإِمَامَةِ لاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْه بِإِذْنِ الإِمَامِ اقْتِدَاءً بِهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، وَلأَنَّ سَبَبَ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِوَصْفِ الإِمَامَةِ دُونَ التَّبْلِيغِ يَقْتَضِي ذَلِكَ».

وضرب الإمام القرافي لهذا النوع أمثلة منها بعض الجيوش، وصرف أموال بيت المال، وتولية القضاء وَالوُلاَّةِ، وعقد العهود، إلى نحو ذلك.

«وَمَا تَصَرَّفَ فِيهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَصْفِ القَضَاءِ لاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ إلاَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ لأَنَّ السَّبَبَ الذِي لأَجْلِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَصْفِ القَضَاءِ يَقْتَضِي ذَلِكَ».

وَمَثَّلَ الإِمَامُ القرافي بفصله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين اثنين في دعاوى الأموال أو أحكام الأبدان ونحوها بالبينات أو الأيمان والنكولات ونحوها.

ثم ذكر مسائل اختلف العلماء فِي تَصَرُّفَاتِهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها، منها قوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدٍ بِنْتِ [عُتْبَةَ] امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي [وَوَلَدِي، إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ]، فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ، بِالمَعْرُوفِ» (?).

اخْتَلَفَ العُُلَمَاءُ فِي هَذَا التَّصَرُّفُ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ الفَتْوَى؟ فَيَجُوزُ لِكُلِّ مَنْ ظَفِرَ بِحَقِّهِ أَوْ بِجِنْسِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ عِلْمِ خَصْمِهِ بِهِ؟ [وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ خِلاَفُهُ بَلْ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَوْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِالقَضَاءِ] فَلاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ جِنْسَ حَقِّهِ [أَوْ حَقَّهُ] إذَا تَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنَ الغَرِيمِ إلاَّ بِقَضَاءِ قَاضٍ؟ حَكَى الْخَطَّابِيُّ القَوْلَيْنِ عَنْ العُلَمَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (?).

والذي يعنينا من هذا البحث أن الإمام القرافي لَمْ يَنْفِ التَّشْرِيعَ عَنْ أَيِّ فِعْلٍ مِنْ هَذِهِ الأَفْعَالِ، وأن بحثه في الفرق بين التشريع بصفة الرسالة والتبليغ، والتشريع بصفة الإمامة، والتشريع بصفة الفتوى، والتشريع بصفة القضاء، والكل تشريع.

والذي يعنينا في مثال هند وأبي سفيان أنه تشريع بالنسبة لهند، لا خلاف في ذلك، على معنى أنه أَحَلَّ لها أن تأخذ بالمعروف، ولا عقاب عليها يوم القيامة إن فعلت ذلك، أما أنه يقاس عليها غيرها أو لا يقاس؟ فهذا أمر آخر.

وَمِمَّا هو معلوم أن التشريع والإباحة بصفة خاصة قد تكون قاصرة على شخص دون غيره، كما سبق في إباحة الحرير لعبد الرحمن بن عوف لعذر، وقد يستثني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015